للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والصنف الثَّانِي: ذهب يُقَال لَهُ الأفرنتي والأفلوري والبندقي والدوكات وَهُوَ يجلب من بِلَاد الإفرنج وعَلى أحد وجهيه صُورَة إِنْسَان فِي دَائِرَة مَكْتُوبَة بقلمهم وَفِي الْوَجْه الآخر صُورَتَانِ فِي دَائِرَة مَكْتُوبَة وَلم يكن يعرف هَذَا الصِّنْف قَدِيما مِمَّا يتعامل بِهِ النَّاس وَإِنَّمَا حدث فِي الْقَاهِرَة من حُدُود سنة تسعين وَسَبْعمائة وَكثر حَتَّى صَار نَقْدا رائجاً وَبلغ إِلَى مِائَتي دِرْهَم وَثَلَاثِينَ درهما من الْفُلُوس كل دِينَار مِنْهُ. وَوزن كل مائَة دِينَار من هَذَا الذَّهَب أحد وَثَمَانُونَ مِثْقَالا وَربع مِثْقَال. غير أَن النَّاس قصوه حَتَّى خف وَزنه وَاسْتقر ثَمَانِيَة وَسبعين وَثلثا وَضرب كثير من النَّاس على شكله وتسامح النَّاس فِي أَخذه فراج بَينهم كرواج الإفرنجي وَيَقَع فِيهِ اخْتِلَاف كَبِير فَيُقَال هَذَا تركي وَهَذَا خَارج الدَّار وَهَذَا نَاقص الْوَزْن وَهَذَا لَيْسَ بجيد الْعيار وَيجْعَل بازاء كل عيب حِصَّة من المَال تنقص من صرفه. وَالنَّوْع الثَّالِث: الذَّهَب الناصري وَهُوَ الَّذِي ضربه الْملك النَّاصِر فرج كَمَا تقدم ذكره وزنة كل دِينَار مِنْهُ تِسْعَة عشر قيراطاً من أَرْبَعَة وَعشْرين قيراطاً وذهبه دون الحايف وَبلغ كل دِينَار مِنْهُ إِلَى مِائَتي دِرْهَم وَعشرَة دَرَاهِم. وَفِيه الْخَارِج الدَّار أَيْضا. وَأما الْفُلُوس فَإِنَّهَا كَانَت مَعْدُودَة غير موزونة. ويعد فِي الدِّرْهَم الكاملي مِنْهَا أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ فلسًا زنة كل فلس مِثْقَال ثمَّ تناقص وَزنهَا وَكثر ضربهَا حَتَّى صَارَت فِي آخر الْأَيَّام الظَّاهِرِيَّة برقوق هِيَ النَّقْد الرائج كَمَا تقدم ذكره. ثمَّ نقص أهل الدولة وَزنهَا وَكثر تعنيت النَّاس فِيهَا فرسم الْأَمِير يلبغا السالمي الأستادار فِي سنة سبع وَثَمَانمِائَة أَن يتعامل النَّاس بهَا وزنا وَجعل كل رَطْل مِنْهَا بِسِتَّة دَرَاهِم كَمَا تقدم ذكره فاستمر الْحَال على ذَلِك وتزايد سعر الذَّهَب لِكَثْرَة الْفُلُوس وشناعة حملهَا فِي الْأَسْفَار وَقلة الدَّرَاهِم الكاملية حَتَّى بلغ مَا بلغ وَصَارَت الْفُلُوس هِيَ الَّتِي ينْسب إِلَيْهَا ثمن جَمِيع المبيعات جليلها وحقيرها وقيم الْأَعْمَال بأسرها وَيُعْطِي الذَّهَب وَالْفِضَّة عوضا عَنْهَا. فَلَمَّا قدم السُّلْطَان من دمشق وَكَثُرت الدَّرَاهِم النوروزية والبندقية بأيدي النَّاس فِي الْقَاهِرَة - كَمَا تقدم ذكره - تقدم السُّلْطَان بِضَرْب دَرَاهِم مؤيدية. فَأهل صفر هَذَا: والإشاعة قَوِيَّة بِأَن السُّلْطَان سبك دَنَانِير كَثِيرَة من الناصرية وَعمل دَنَانِير مؤيدية فتوقف النَّاس فِي أَخذ الدِّينَار الناصري إِلَى يَوْم الْجُمُعَة ثَالِث عشرينه استدعى السُّلْطَان قُضَاة الْقُضَاة وكبار الصيارفة إِلَى بَين يَدَيْهِ بالإسطبل من القلعة وتحدث فِي إبِْطَال الدَّنَانِير الناصرية فَذكر لَهُ قَاضِي الْقُضَاة جلال الدّين بن

<<  <  ج: ص:  >  >>