الْحُكَّام بِالْقَاهِرَةِ وأعمالها مَا بَين محتسب ووال وحجاب وقضاة ونائب الْغَيْبَة والأمير فَخر الدّين الأستادار فالمحتسب بِالْقَاهِرَةِ والمحتسب بِمصْر كل مَا يكسبه الباعة مِمَّا تغش بِهِ البضائع وَمَا تغبن فِيهِ النَّاس فِي البيع يجبى مِنْهُم بضرائب مقررة لمحتسبي الْقَاهِرَة ومصر وأعوانهما فيصرفون مَا يصير إِلَيْهِم من هَذَا السُّحت فِي ملاذهم المنهى عَنْهَا ويؤديان مِنْهُ من استداناه من المَال الَّذِي دفع رشوة عِنْد ولاياتهما ويؤخران مِنْهُ بقيه لمهاداة أَتبَاع السُّلْطَان ليكونوا عوناً لَهما فِي بقائهما. وَأما الْقُضَاة فَإِن نوابهم يبلغ عَددهمْ نَحْو الْمِائَتَيْنِ مَا مِنْهُم إِلَّا من لَا يحتشم من أَخذ الرِّشْوَة على الحكم مَعَ مَا يأْتونَ - هم وكتابهم وأعوانهم - من الْمُنْكَرَات بِمَا لم يسمع بِمثلِهِ فِيمَا سلف وينفقون مَا يجمعونه من ذَلِك فِيمَا تهوى أنفسهم وَلَا يغرم أحد مِنْهُم شَيْئا للسلطنة بل يتوفر عَلَيْهِم فَلَا يتخولون فِي مَال الله تَعَالَى بِغَيْر حق وَيَحْسبُونَ أَنهم على شَيْء بل يصرحون بِأَنَّهُم أهل الله وخاصته افتراء على الله سُبْحَانَهُ. وَأما وَالِي الْقَاهِرَة ووالي مصر وَغَيرهمَا من سَائِر وُلَاة النواحي فَإِن جَمِيع مَا يسرق من النَّاس يأخذونه من السراق إِذا ظفروا بِهِ فَلَا يأْتونَ بسارق مَعَه سَرقَة إِلَّا أخذوها مِنْهُ فَإِن لم تكن السّرقَة مَعَه ألزموه مَالا ويتركوه لسبيله وَقد تَيَقّن أَنه مَتى عثر عَلَيْهِ صانع عَن نَفسه وتخلص. وَصَارَ كل من يقطع من السراق يَده إِنَّمَا يقطع لأحد أَمريْن إِمَّا لقُوَّة جاه الْمَسْرُوق مِنْهُ أَو عجز السَّارِق عَن الْقيام للولاة بِالْمَالِ وَيزِيد وُلَاة الْبر على وَالِي مصر والقاهرة بِأخذ من وجدوا مَعَه غنما أَو إبِلا أَو رَقِيقا من الفلاحين أَو العربان وَغَيرهم فَإِذا صَار أحد من ذكرنَا فِي أَيْديهم قَتَلُوهُ واستهلكوا مَاله وَمَعَ هَذَا فلأعوان الْوُلَاة فِي أَخذ الْأَمْوَال من النَّاس أَخْبَار لم يسمع قطّ بِمثل قبحها وشناعها حَتَّى أَنه إِذا أَخذ شَارِب خمر غرم المَال الْكثير وَكَذَلِكَ من سَاقه سوء الْقَضَاء إِلَيْهِم من المتخاصمين فَيغرم الشاكي والمشكو المَال الْكثير بِقدر جرمه بِحَيْثُ تبلغ الغرامة آلافا كَثِيرَة. وَجَمِيع مَا تجمعه الْوُلَاة كلهم من هَذِه الْوُجُوه لَا يصرف إِلَّا فِي أحد وَجْهَيْن إِمَّا للسلطة مصانعة عَن إقامتهم فِي ولاياتهم أَو فِيمَا تهواه أنفسهم من الْكَبَائِر الموبقات وينعم أعوانهم بِمَا يجمعونه من ذَلِك ويتلفونه إسرافاً وبدار فِي سَبِيل الْفساد ويتعرض الْوُلَاة لمقدميهم وَيَأْخُذُونَ مِنْهُم المَال حينا بعد حِين. وَأما الْحجاب فَإِنَّهُم وأعوانهم قد انتصبوا لأخذ الْأَمْوَال بِغَيْر حق من كل شَاك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute