مَكَّة وَالْمَدينَة سِتَّة آلَاف دِينَار ولجهة الْجَامِع الطولوني والمدرسة الأشرفية ألف دِينَار. وَهَذَا شَيْء لم يَقع لقاض قبله فِي الدولة التركية. وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء غده: استدعى قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين مُحَمَّد الْهَرَوِيّ شُهُود الْقَاهِرَة ومصر الجالسين بالحوانيت للتكسب بتحمل الشَّهَادَة وأدائها ليعرضوا عَلَيْهِ فأوقفهم بَين يَدَيْهِ طَائِفَة بعد أُخْرَى وأقرهم على مَا هم عَلَيْهِ وَلم يستنب سوى عشرَة وَكَانَ قَاضِي الْقُضَاة جلال الدّين قد انْصَرف ونوابه أَرْبَعَة عشر ثمَّ زَاد الْهَرَوِيّ بعد ذَلِك فِي عدَّة النواب فِي الحكم حَتَّى بلغُوا نَحْو الْعشْرين وَأقَام أَيَّامًا يركب ويمر فِي الشوارع بهيئة الْعَجم وَهُوَ لابس فرجية مَفْتُوحَة عَن صَدره ولعمامته عذبة مرخاة على يسَاره وسلك فِي تحجبه مسلكاً غير مَسْلَك الْقُضَاة مَعَ قلَّة الدِّرَايَة بمصطلح الْبَلَد وَعَادَة النَّاس بِمصْر. وَفِي يَوْم الْجُمُعَة: ترقب النَّاس ركُوبه للقلعة ليخطب وَيُصلي بالسلطان فِي جَامع القلعة فَبعث نَائِبا عَنهُ فَإِن لِسَانه فِيهِ عجمة وَعِنْده حبسة بِحَيْثُ أَنه إِذا أَرَادَ أَن يتَكَلَّم عسر عَلَيْهِ ابْتِدَاء الْكَلَام قَلِيلا وَهُوَ يعالجه علاجاً ثمَّ يتَكَلَّم بعجمة وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى مَعَه إِقَامَة الْخطْبَة وَاتفقَ لَهُ أَيْضا أَنه حضر مَعَ رفقائه قُضَاة الْقُضَاة الثَّلَاث عِنْد السُّلْطَان فَلَمَّا حَان انصرافهم لم يسْتَطع قِرَاءَة الْفَاتِحَة وَالدُّعَاء كَمَا هِيَ الْعَادة فَقَرَأَ قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين مُحَمَّد الديري الْحَنَفِيّ فَاتِحَة الْكتاب ودعا وَمن الْعَادة أَن لَا يتَقَدَّم أحد فِي الْقِرَاءَة على قَاضِي الْقُضَاة الشَّافِعِي. شهر جُمَادَى الْآخِرَة أَوله الْأَرْبَعَاء: فِي ثالثه: وقفت طَائِفَة من بلد الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام للسُّلْطَان وَشَكوا الْهَرَوِيّ على مَال أَخذه مِنْهُم فِي أَيَّام نظره على بلد الْخَلِيل وَأَنه طرح على بَعضهم بَيْضَاء وألزمه أَن يحمل بعدده دجاجاً فَبعث السُّلْطَان إِلَيْهِ يَأْمُرهُ أَن يخرج لَهُم مِمَّا يلْزمه من الْحق. وَفِيه وشي للسُّلْطَان بالأمير جقمق الدوادار أَنه مُوَافق لقرايوسف وَذَلِكَ أَنه اتَّصل بالسلطان رجل ادّعى أَنه من أَوْلَاد عَليّ الدربندي فَأحْسن إِلَيْهِ وَأمر بتجهيزه لِلْحَجِّ فحج وَعَاد فوشي بالأمير جقمق أَنه لما كَانَ السُّلْطَان بكختا حسن لرَسُول قرايوسف جذبه إِلَى الْبِلَاد الشامية وَأَنه مَشى بَينه وَبَين قرايوسف بذلك فَبعث إِلَيْهِ قِطْعَة بلخش ثمينة فَأعْلم السُّلْطَان الْأَمِير جقمق بِمَا قيل عَنهُ وَلم يسم الْقَائِل وَأظْهر لَهُ أَنه لم يصدق النَّاقِل فقلق جقمق قلقاً كَبِيرا إِلَى أنكان فِي شهر تَارِيخه أعَاد ابْن الدربندي الْكَلَام وَأَنه قدم إِلَى جقمق كتاب فِي المعني الْمَذْكُور فأسلمه السُّلْطَان فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute