للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَازمه مِنْهُم اثْنَان فِي دَاره أَقَامَا مَعَه فِي مَوضِع مِنْهَا وتوكل اثْنَان ببابي دَاره وَمنع من البروز من دَاره حَتَّى يخرج مِمَّا فِي قبله. وَفِي رَابِع عشره: نزل مرسوم السُّلْطَان إِلَى الْهَرَوِيّ أَن يخرج مِمَّا ثَبت عَلَيْهِ وَيدْفَع إِلَى مستحقي وقف الْخَلِيل مصالحة عَمَّا ثَبت فِي جِهَته لَو عمل حسابه لمُدَّة مُبَاشَرَته مبلغ ثَلَاثَة آلَاف دِينَار فشرع فِي بيع موجوده إِلَى يَوْم الثُّلَاثَاء نصفه بعث السُّلْطَان من ثقاته أَمِيرا إِلَى بَيت الْهَرَوِيّ فَأخذ مِنْهُ مَا تَحت يَده من المَال الْمَأْخُوذ من أجناد الْحلقَة وَهُوَ ألف ألف وسِتمِائَة ألف دِرْهَم فُلُوسًا فَلم يُوجد سوى ألف ألف دِرْهَم وَقد تصرف فِي سِتّمائَة ألف دِرْهَم عَنْهَا نَحْو ثَلَاثَة آلَاف دِينَار فشنعت القالة عَلَيْهِ وَاشْتَدَّ غضب السُّلْطَان مِنْهُ وَبعث قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين مُحَمَّد الديري الْحَنَفِيّ إِلَى نواب الْهَرَوِيّ فَمَنعهُمْ من الحكم بَين النَّاس بمقتضي أَنه ثَبت فسقه وَحكم الْفَاسِق لَا ينفذ وولايته لَا تصح عِنْد الإِمَام الشَّافِعِي وهددهم مَتى حكمُوا بَين النَّاس فانكفوا عَن الحكم. وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء غده: صعد بعض الرُّسُل المرسمين على الْهَرَوِيّ إِلَى السُّلْطَان وبلغه - على لِسَان بعض خواصه - أَنه تبين لَهُ ولرفقائه أَن الْهَرَوِيّ تهَيَّأ ليهرب فَبعث عدَّة من الأجناد وَكلهمْ بِهِ فِي دَاره. وَفِي يَوْم الْخَمِيس سَابِع عشره: نزل السُّلْطَان إِلَى جَامعه بجوار بَاب زويلة واستدعى شيخ الْإِسْلَام قَاضِي الْقُضَاة جلال الدّين البُلْقِينِيّ فارتجت الْقَاهِرَة وَخرج النَّاس من الرِّجَال وَالنِّسَاء على اخْتِلَاف طبقاتهم لرُؤْيَته فَرحا بِهِ حَتَّى غصت الشوارع فعندما رَآهُ السُّلْطَان قَامَ لَهُ وأجله وَبَالغ فِي إكرامه وأفاض عَلَيْهِ التشريف وشافهه بِولَايَة الْقُضَاة وَتوجه جلال الدّين البُلْقِينِيّ من الْجَامِع إِلَى الْمدرسَة الصالحية فَمر من تَحت الرّبع وَعبر من بَاب زويلة وسلك تَحت شبابيك الْجَامِع وَقد قَامَ السُّلْطَان فِي الشباك ليراه فأبصر من كَثْرَة الْخلق وَشدَّة فَرَحهمْ وعظيم مَا بذلوه وسمحوا بِهِ من الزَّعْفَرَان للخلوق والشموع للوقود مَعَ مجامر الْعود والعنبر ورش مَاء الْورْد وضجيجهم بِالدُّعَاءِ للسُّلْطَان مَا أذهله وَقَوي رغبته فِيهِ وَسَار كَذَلِك حَتَّى أَن بغلته لَا تكَاد أَن تَجِد موضعا لحوافرها حَتَّى نزل بِالْمَدْرَسَةِ الصالحية وَمَعَهُ أهل الدولة عَن آخِرهم لم توجه إِلَى دَاره فَكَانَ يَوْمًا مشهوداً واجتماعاً لم يعْهَد لقاض مثله.

<<  <  ج: ص:  >  >>