للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ينشف بهَا فنشف بمنديل بعض من حضر غسله. وَلَا وجد لَهُ مئزر تسر بِهِ عَوْرَته حَتَّى آخذ لَهُ مئنر رصوف صعيدي من فَوق رَأس بعض جواريه فَستر بِهِ وَلَا وجد لَهُ حَتَّى أَخذ لَهُ طاسة يصب عَلَيْهِ بهَا المَاء وَهُوَ يغسل مَعَ كَثْرَة مَا خَلفه من أَنْوَاع الْأَمْوَال. وَمَات وَقد أناف على الْخمسين وَكَانَت مُدَّة ملكه ثَمَانِي سِنِين وَخَمْسَة أشهر وَثَمَانِية أَيَّام. وَكَانَ شجاعاً مقداماً يحب أهل الْعلم ويجالسهم ويجل الشَّرْع النَّبَوِيّ ويذعن لَهُ وَلَا يُنكر على من طلبه مِنْهُ إِذا تحاكم إِلَيْهِ أَن يمْضِي من بَين يَدَيْهِ إِلَى قُضَاة الشَّرْع بل يُعجبهُ ذَلِك. وينكر على أمرائه مُعَارضَة الْقُضَاة فِي أحكامهم. وَكَانَ غير مائل إِلَى شَيْء من الْبدع. وَله قيام فِي اللَّيْل إِلَى التَّهَجُّد أَحْيَانًا. إِلَّا أَنه كَانَ بَخِيلًا مسيكاً يشح حَتَّى بِالْأَكْلِ لجوجاً غضوباً نكداً حسوداً معياناً يتظاهر بأنواع الْمُنْكَرَات فحاشاً سباباً بذيا شَدِيد المهابة حَافِظًا لأَصْحَابه غير مفرط فيهم وَلَا مضيعاً لَهُم وَهُوَ أَكثر أَسبَاب خراب مصر وَالشَّام لِكَثْرَة مَا كَانَ يثيره من الشرور والفتن أَيَّام نيابته بطرابلس ودمشق. ثمَّ مَا أفْسدهُ فِي أَيَّام ملكه من كَثْرَة الْمَظَالِم وَنهب الْبِلَاد وتسليط أَتْبَاعه على النَّاس يسومونهم الذلة وَيَأْخُذُونَ مَا قدرُوا عَلَيْهِ بِغَيْر وازع من عقل وَلَا ناه من دين. السُّلْطَان أَبُو السعادات أَحْمد بن الْمُؤَيد السُّلْطَان الْملك المظفر أَبُو السعادات أَحْمد بن الْمُؤَيد شيخ أقيم فِي السلطة يَوْم مَاتَ أَبوهُ على مضى خمس درج من نصف نَهَار الِاثْنَيْنِ تَاسِع الْمحرم سنة أَربع وَعشْرين وثماني مائَة وعمره سنة وَاحِدَة وَثَمَانِية أشهر وَسَبْعَة أَيَّام. وأركب على فرس من بَاب الستارة فَبكى. وَسَارُوا بِهِ وَهُوَ يبكي إِلَى الْقصر حَيْثُ الْأُمَرَاء والقضاة والخليفة فقبلوا لَهُ الأَرْض ولقبوه بِالْملكِ المظفر أبي السعادات. وَأمر فِي الْحَال فَنُوديَ فِي القلعة والقاهرة أَن يترحم النَّاس على الْملك الْمُؤَيد ويدعوا للْملك المظفر وَلَده. وَأخذ فِي جهاز الْمُؤَيد وَدَفنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>