اعتقه فَلم يزل فِي مماليك الطباق حَتَّى عَاد النَّاصِر إِلَى السلطة بعد أَخِيه الْمَنْصُور عبد الْعَزِيز فَأخْرج لَهُ الْخَيل وَأَعْطَاهُ إقطاعاً فِي الْحلقَة فانضم إِلَى الْأَمِير نوروز الحافظي وتقلب مَعَه فِي بحار تِلْكَ الْفِتَن وفر إِلَيْهِ بِالشَّام ثمَّ صَار مِنْهُ إِلَى جمَاعَة الْأَمِير شيخ. وَمَا زَالَ مَعَه حَتَّى قتل النَّاصِر وَقدم إِلَى مصر وتسلطن فَأمره وتنقل حَتَّى صَار سُلْطَانا فَلم يتهن. وَكَانَ أَولا كالمحجور عَلَيْهِ مَعَ أَلِي بيه الدوادار وتغري بردي من قصروه أَمِير أخور. ثمَّ تعلل مُنْذُ خرج من حلب فَلم يقم بقلعة الْجَبَل سوى ثَمَانِيَة عشر يَوْمًا. وألجأه تعلله إِلَى لُزُوم الْفراش حَتَّى مَاتَ. وَكَانَ يمِيل إِلَى تدين وَفِيه لين وإعصاء وكرم مَعَ طيش وخفة. وَكَانَ شَدِيد التعصب لمَذْهَب الْحَنَفِيَّة. يُرِيد أَن لَا يدع أحدا من الْفُقَهَاء غير الْحَنَفِيَّة. وأتلف فِي مدَّته - مَعَ قلتهَا - أَمْوَالًا عَظِيمَة وَحمل الدولة كلفا كَثِيرَة أتعب بهَا من بعده. وَلم تطل أَيَّامه حَتَّى تشكر أَفعاله أَو تدم. السُّلْطَان نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن الظَّاهِر ططر السُّلْطَان الْملك الصَّالح نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن الظَّاهِر ططر أقيم فِي السلطنة بِعَهْد أَبِيه إِلَيْهِ وعمره نَحْو الْعشْر سِنِين عقيب موت أَبِيه. فِي يَوْم الْأَحَد رَابِع ذِي الْحجَّة سنة أَربع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة قد اجْتمع الْأُمَرَاء بالقلعة إِلَّا الْأَمِير جَانِبك الصُّوفِي فَإِنَّهُ لم يحضر فَمَا زَالُوا بِهِ حَتَّى حضر وأجلسوا السُّلْطَان ولقبوه بِالْملكِ الصَّالح. وَنُودِيَ فِي الْقَاهِرَة أَن يترحموا على الْملك الظَّاهِر ويدعوا للْملك الصَّالح وَسكن الْأَمِير جَانِبك الصُّوفِي بالحراقة من بَاب السلسة وانضم إِلَيْهِ مُعظم الْأُمَرَاء والمماليك. وَأقَام الْأَمِير برسباي الدقماقي بالقلعة فِي عدَّة من الْأُمَرَاء والمماليك مِنْهُم الْأَمِير طرباي حَاجِب الْحجاب والأمير قصروه رَأس نوبَة والأمير جقمق وَبَاتُوا بأجمعهم مستعدين. وَأَصْبحُوا يَوْم الْإِثْنَيْنِ خامسه وَقد تجمع المماليك يطْلبُونَ النَّفَقَة عَلَيْهِم وَالْأُضْحِيَّة وأغلظوا فِي القَوْل حَتَّى كَادَت الْحَرْب أَن تكون. فترضاهم الْأُمَرَاء حَتَّى تفرق جمعهم. وَبَات الْعَسْكَر على أهبة الْقِتَال. وَأَصْبحُوا يَوْم الثُّلَاثَاء سادسه فِي تَفْرِقَة الْأَضَاحِي فَأخذ كل مَمْلُوك رأسان من الضَّأْن. وتجمعوا تَحت القلعة لطلب النَّفَقَة فطال النزاع بَينهم وَبَين الْأَمِير جَانِبك الصُّوفِي حَتَّى تراضوا أَن ينْفق فيهم بعد عشرَة أَيَّام من غير أَن يعين لَهُم مِقْدَار مَا يُنْفِقهُ فيهم فَانْفَضُّوا وَبعث الْأَمِير جَانِبك إِلَى الْأَمِير برسباي أَن ينزل من القلعة هُوَ والأمير طرباي والأمير قصروه وَأَن يسكنوا فِي دُورهمْ وَيُقِيم الْأَمِير جقمق عِنْد السُّلْطَان. فَنزل الْأَمِير طرباي مظْهرا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute