للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِي خَامِس عشره: سَار الْأَمِير أرغون شاه إِلَى بِلَاد الصَّعِيد ليجبي أَهلهَا كَمَا جبى الْوَجْه البحري. وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء خَامِس عشرينه: ثارت ريح مريسية طول النَّهَار فَلَمَّا كَانَ قبل الْغُرُوب بِنَحْوِ سَاعَة ظهر فِي السَّمَاء صفرَة من قبل مغرب الشَّمْس كست الجدران وَالْأَرْض بالصفرة ثمَّ أظلم الجو حَتَّى صَار النَّهَار مثل وَقت الْعَتَمَة فَكنت أمد يَدي فَلَا أَرَاهَا لشدَّة الظلام فَمَا بَقِي أحد بِمصْر إِلَّا وَاشْتَدَّ فزعه فَلَمَّا كَانَ بعد سَاعَة وَقت الْغُرُوب أَخذ الظلام ينجلي قَلِيلا قَلِيلا وعقبه ريح عاصف كَادَت المباني تتساقط وتمادي طول لَيْلَة الْأَرْبَعَاء فَرَأى النَّاس أمرا مهولاً من شدَّة هبوب ريَاح عَاصِفَة وظلمة فِي النَّهَار وَاللَّيْل لم يعْهَد مثلهَا بِحَيْثُ كَانَ جمَاعَة فِي هَذِه اللَّيْلَة مسافرين وسائرين خَارج الْقَاهِرَة فتاهوا من شدَّة الظلام طول ليلتهم حَتَّى طلع الْفجْر وعمت هَذِه الظلمَة أَرض مصر حَتَّى وصلت دمياط والإسكندرية وَجَمِيع الْوَجْه البحري وَبَعض بِلَاد الصَّعِيد وَرَأى بعض من يظنّ بِهِ الْخَيْر فِي مَنَامه كَانَ قَائِلا يَقُول مَا مَعْنَاهُ: لَوْلَا شَفَاعَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأهل مصر لأهلكت هَذِه الرّيح النَّاس لكنه شفع فيهم فَحصل اللطف. وَفِي هَذَا الشَّهْر: كثر الوباء بِدِمَشْق. وَفِيه أضيفت ولَايَة مصر وحسبتها إِلَى الْأَمِير تَاج الدّين الشويكي وَإِلَى الْقَاهِرَة. وَفِيه رسم بمصادرة نجم الدّين عمر بن حجي قَاضِي الْقُضَاة الشَّافِعِي بِدِمَشْق وشهاب الدّين أَحْمد بن مَحْمُود بن الكشك قَاضِي الْقُضَاة الْحَنَفِيّ بهَا وعدة من تجارها فصودروا. وَفِيه رسم بإيقاع الحوطة على خُيُول أهل الْوَجْه البحري من الغربية والبحيرة وَنَحْوهَا فَأخذت. وَفِيه قدم إِلَى الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة جَراد عَظِيم أتلف عَامَّة زروعها وأشجارها حَتَّى أكل الأسابيط من فَوق النّخل فأمحلت ونزح كثير من أَهلهَا فَمَاتَ مُعظم الْفُقَرَاء النازحين جوعا وعطشاً وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه. شهر ربيع الآخر أَوله الْأَحَد:

<<  <  ج: ص:  >  >>