للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأخذُوا يدعونَ الله على أنفسهم أَن يغرقهم وَلَا يحييهم حَتَّى يَأْخُذُوا هَذِه الأبقار ليستريحوا مِمَّا هم فِيهِ من الغرامات والخسارات وتحكم الظلمَة فيهم بِالضَّرْبِ والسب والإهانة. وَقَرَأَ وَاحِد مِنْهُم فَاتِحَة الْكتاب ودعا بذلك وهم يُؤمنُونَ على دُعَائِهِ فَمَا هُوَ إِلَّا أَن توسطوا النّيل وتجاوزوه حَتَّى كَادُوا أَن يصلوا إِلَى بر منبابة. وَإِذا بمركبهم انقلبت فَغَرقُوا بأجمعهم إِلَّا قَلِيلا مِنْهُم فَإِنَّهُم نَجوا. وَكَانَت عدَّة الغرقى عشْرين رجلا وَأَرْبع نسْوَة فارتجت الْقَاهِرَة بعويل أهاليهن عَلَيْهِنَّ وَكَثُرت الشناعة على الْأَمِير أرغون شاه وَذهب الغرقى بِلَا قَاتل وَلَا قَود. وَفِي ثَالِث عشرينه: رسم السُّلْطَان أَن لَا يكون لقَاضِي الْقُضَاة الشَّافِعِي إِلَّا عشرَة نواب وَأَن يكون للحنفي ثَمَانِيَة نواب وللمالكي سِتَّة وللحنبلي أَرْبَعَة. فَعمل ذَلِك مديدة ثمَّ أُعِيد من عزل مِنْهُم بِزِيَادَة. وَقد ساءت قالة الْعَامَّة فيهم وَأَكْثرُوا من التشنيع بِمَا يغرمه المتداعيان فِي أَبْوَابهم حَتَّى اتضعت نواب الْقُضَاة فِي أعين الكافة وانحطت أقداراهم عِنْد أهل الدولة وجهروا بالسوء من القَوْل فيهم. وَاتفقَ فِي هَذِه السّنة مَا لم نعهده وَهُوَ انتشار الْحمرَة عِنْد طُلُوع الْفجْر إِلَى شروق الشَّمْس فِي جَمِيع الْجِهَة الشمالية الَّتِي يسميها المصريون وَجه بحري وانتشار الْحمرَة فِي الْجِهَة الشمالية أَيْضا بعد غرُوب الشَّمْس حَتَّى يمْضِي من اللَّيْل سَاعَة وَتصير الأَرْض والجدران وَغير ذَلِك فِي هذَيْن الْوَقْتَيْنِ كَأَنَّهَا صبغت بالحمرة. وَتَمَادَى هَذَا الْحَال أَرْبَعَة أشهر وانقضى شهر رَجَب هَذَا وَالْأَمر على ذَلِك. وَفِيه تناقص الوباء بِبِلَاد الشَّام بعد مَا عَم كورة دمشق وفلسطين والساحل. وَبَلغت عدَّة من مَاتَ بصالحية دمشق زِيَادَة على خَمْسَة عشر ألف إِنْسَان. وأحصي من ورد ديوَان دمشق من الْمَوْتَى فَكَانُوا نَحْو الثَّمَانِينَ ألفا وَكَانَ يَمُوت من غَزَّة فِي كل يَوْم مائَة إِنْسَان وأزيد وَكَانَ مُعظم من مَاتَ الصغار والخدم وَالنِّسَاء فخلت الدّور مِنْهُم إِلَّا قَلِيلا وَفِيه وَقع الوباء بِبِلَاد الْخَلِيل عَلَيْهِ شهر شعْبَان أَوله السبت: فِي يَوْم الْجُمُعَة سابعه: ورد الْخَبَر بِأَن الْأَمِير جَانِبك الصُّوفِي فر من السجْن بالإسكندرية فَلم يقدر عَلَيْهِ فَقبض بِسَبَبِهِ على جمَاعَة وعوقبوا عقوبات كَثِيرَة. وَقدم الْخَبَر بِوُقُوع الوباء بدمياط.

<<  <  ج: ص:  >  >>