ابْن السُّلْطَان من حمايات علم الدّين دَاوُد بن الكويز ومستأجراته، على أَن يقوم لديوان ابْن السُّلْطَان فِي كل سنة بألغ وَخَمْسمِائة دِينَار، فَحمل فِي مُدَّة ولَايَته كِتَابَة السِّرّ إِلَى الخزانة خَمْسَة آلَاف دِينَار، فِي دفعات. فَلَمَّا كَانَت هَذِه الْأَيَّام، طلب مِنْهُ حمل مَا تَأَخّر عَلَيْهِ، وَهُوَ سِتَّة آلَاف دِينَار وَخَمْسمِائة دِينَار، فَسَأَلَ السُّلْطَان مشافهة أَن ينعم عَلَيْهِ بِالْألف وَخمْس مائَة دِينَار المقررة على الحمايات والمستأجرات، وتشكى من قبله متحصلها مَعَه، فَلم يجب سُؤَاله. وَنزل إِلَى دَاره فَكتب ورقة إِلَى السُّلْطَان تَتَضَمَّن أَنه غرم من حِين ولي كِتَابَة السِّرّ إثني عشر ألف دِينَار، مِنْهَا الْحمل إِلَى الخزانة خَمْسَة آلَاف دِينَار وَلمن لَا يُسمى مبلغ ألفى دِينَار، وللأمراء أَرْبَعَة آلَاف دِينَار، وَذكر بَقِيَّة تفصيلها. فَلَمَّا قُرِئت على السُّلْطَان فهم أَنه أَرَادَ بِهِ بِمن لَا يُسمى الْأَمِير جَانِبك وَأخذ يسْأَل من جَانِبك - عِنْدَمَا حضر هُوَ والأمراء - عَمَّا وصل إِلَيْهِ وإليهم من ابْن حجى، فَأَجَابُوهُ بِمَا لَا يَلِيق فِي حق ابْن حجى، وحنق مِنْهُ جَانِبك، فَمَا هُوَ إِلَّا أجتمعا بالقلعة، جرت بَينهمَا مفاحشات آخرهَا أَنه قبض عَلَيْهِ وسجن. وَفِي هَذِه الْأَيَّام: كملت عمَارَة المأذنة الَّتِي فَوق الْبَاب المجاور للمنبر بِجَامِع الْحَاكِم، وأنشأها بعض الباعة. وَقدم الْخَبَر بوقعة كَانَت بَين الْمُسلمين وَبَين الفرنج، فِيمَا بَين جيلة وطرابلس قتل فِيهَا جمَاعَة من الفرنج، وَانْهَزَمَ باقيهم. وَحمل غرابان مِمَّا أنشيء بساحل بولاق خَارج الْقَاهِرَة، وهما قطعا - على الْجمال إِلَى السويس، ليركبا ويطرحا فِي بَحر السويس، لأجل حمل الغلال وَنَحْوهَا إِلَى مَكَّة، مدَدا للمجردين. وَعَملا بمجاديف لتمر سريعة، وَأَن تمسك عَنْهَا الرّيح. وَفِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء ثَالِث عشرَة: أخرج نجم الدّين عمر بن حجى من البرج فِي الْحَدِيد، وَحمل إِلَى دمشق حَتَّى يكْشف عَن سيرته بهَا، وَيُؤْخَذ مَاله هُنَاكَ، وَكتب فِي حَقه إِلَى النَّائِب والقضاءة بعظائم مستشنعة. وَفِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثامن عشرَة: خلع على بدر الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مزهر الدِّمَشْقِي، وَاسْتقر فِي كِتَابَة السِّرّ، عوضا عَن نجم الدّين عمر بن حجى. وَابْن مزهر هَذَا كَانَ أَبوهُ كَاتب السِّرّ بِدِمَشْق، وَلَهُم أَصَالَة قديمَة، رَأس عدَّة من آبَائِهِ، تضمن ذكرهم التَّارِيخ. وَولد هُوَ بِدِمَشْق وَنَشَأ بهَا، وَكتب بديوان الْإِنْشَاء، وَتعلق بِخِدْمَة الْأَمِير شيخ المحمودي، وَقدم مَعَه مصر، فولاه نظر الإصطبل، حَتَّى مَاتَ. فَلَمَّا ولى علم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute