وفيهَا وَقع الِاجْتِهَاد فِي عمل الأغربة. وَلم تحسن سيرة من ولي عَملهَا فَإِنَّهُ أَخذ الأخشاب ظلما وَقطع من أَشجَار الجميز والحور بِغَيْر رِضَاء أَرْبَابهَا وسخر النَّاس فِي عَملهَا فَأشبه هَذَا الْغَزْو من صلى لغير الْقبْلَة بِغَيْر وضوء عمدا. وَفِي عاشره: أدير محمل الْحَاج على الْعَادة وَعرضت كسْوَة الْكَعْبَة على السُّلْطَان. وَقد اجْتهد القَاضِي زين الدّين عبد الباسط فِي تأنقها حَتَّى جَاءَت فِي غَايَة من الْحسن بِحَيْثُ لم يعْمل فِيمَا أدركناه مثلهَا. وَفِي هَذَا الشَّهْر: كَانَ قطاف عسل النَّحْل فَلم يُوجد مِنْهُ كَبِير شَيْء فارتفع سعره بلغ سعر الفول مِائَتي دِرْهَم الأردب. وَفِيه اعْتبر متحصل الدِّيوَان الْمُفْرد ومصروفه فعجز فِي كل سنة مائَة ألف وَعشْرين ألف دِينَار يجبيها أستادار من النواحي بعد مَا عَلَيْهَا من المستقر والحادث ويتنوع فِي مظالم الْعباد ويبالغ فِي العسف حَتَّى يسدها. وَيَأْخُذ المباشرون وأعوانه نَحوا مِنْهَا. فَلذَلِك خرب إقليم مصر وآلت أَحْوَال النَّاس إِلَى التلاشي. وَفِي ثَالِث عشره: أنْفق فِي الْغُزَاة وهم سِتّمائَة رجل مبلغ عشْرين دِينَارا لكل وَاحِد وجهز الْأُمَرَاء ثَلَاثمِائَة رجل. وَنُودِيَ من أَرَادَ الْجِهَاد فليحضر لأخذ النَّفَقَة. وَفِي عشرينه: سَارَتْ الْخُيُول فِي الْبر إِلَى طرابلس. وعدتها ثَلَاثمِائَة فرس لتحمل الْغُزَاة من طرابلس فِي الْبَحْر. وَفِي هَذَا الشَّهْر: خرج مركب من اللاذقية قد شحن بمجاديف حَتَّى يحضرها إِلَى مصر برسم الأغربة الَّتِي أنشئت صُحْبَة الريس فَاضل. فَلَمَّا حاذت جَزِيرَة أرواد خرج طَائِفَة من الفرنج يُرِيدُونَ أَخذهَا فَقَاتلهُمْ الْمُسلمُونَ حَتَّى قتلوا عَن آخِرهم وعدتهم خَمْسُونَ رجلا. وأفلت مِنْهُم رَحل وَاحِد. وَأخذ الفرنج المجاديف وَغَيرهَا وحرقوا الْمركب. وفاضل هَذَا من أهل مَدِينَة أياس فَقدم إِلَى السُّلْطَان فِي السّنة الخالية وَحسن لَهُ غَزْو الفرنج ووعده بغنيمة أَمْوَال عَظِيمَة حَتَّى كَانَ من غَزْوَة اللمسون مَا كَانَ فَأخذ فِي التعبئة لغزوهم ثَانِيًا أيده الله تَعَالَى بنصره عَلَيْهِم. وَفِي شنع الوباء بدمياط وفارسكور وَكَانَ ابتداؤه عِنْدهم من جُمَادَى الأولى. وَفِي حادي عشره: توجه الْهَرَوِيّ عَائِدًا إِلَى الْقُدس على وَظِيفَة التدريس بالصالحية.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute