للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِي هَذَا الشَّهْر: اتّفقت حادثتان غريبتان إِحْدَاهمَا أَن رجلا مر فِي سَفَره بِبِلَاد الغربية على أتان لَهُ وَتَحْته خرح فِيهِ قماش فَخرج عَلَيْهِ بعض قطاع الطَّرِيق وَألف إِلَى الأَرْض ليذبحه فَقَالَ لَهُ: بِاللَّه اسْقِنِي شربة مَاء قبل أَن تذبحني فَألْقى الله تَعَالَى فِي قلبه عَلَيْهِ رَحْمَة لما يُريدهُ بِهِ. وَفتح خرج الرجل وَتَنَاول مِنْهُ إِنَاء وَعبر فِي المَاء حَتَّى يغترف فِي الْإِنَاء مِنْهُ فاختطفه تمساح وَذهب فِي المَاء فَكَسرهُ وَأكله وَالرجل يرَاهُ وَهُوَ مكتوف وأتانه وَاقِف مَعَ فرس قَاطع الطَّرِيق قائمان قَرِيبا مِنْهُ. فَأَقَامَ كَذَلِك حَتَّى مر بِهِ أنَاس عَن بعد فصاح بهم إِلَى أَن أَتَوْهُ فأعلمهم بِمَا جرى لَهُ وَمَا كَانَ من هَلَاك عدوه فحلوا أكتافه وَأتوا بِهِ وبالفرس والأتان والخرج إِلَى الْوَالِي فَقص عَلَيْهِ قصَّته فَأخذ الْفرس وخلاه لسبيله. فَمضى بأتانه وخرجه فَكَانَ فِي هَذَا موعظة لمن اتعظ وكفي بِاللَّه نَصِيرًا. وَالثَّانيَِة: أَن مُتَوَلِّي الْحَرْب بِتِلْكَ النواحي وسط سَبْعَة رجالة من قطاع الطَّرِيق وعلقهم على ممر الْمُسَافِرين كَمَا هِيَ عَادَتهم فِي ذَلِك. وأكد على الخفراء أَرْبَاب الدَّرك فِي حراستهم طول اللَّيْل خوفًا من مَجِيء أَهَالِيهمْ وَأَخذهم إيَّاهُم وَحلف بأيمانه لَئِن فقد أحد مِنْهُم ليوسطن الْجَمِيع فَبَاتُوا يَحْرُسُونَهُمْ حَتَّى كَاد اللَّيْل يذهب أَخذهم النّوم ثمَّ أنتبهوا فِي السحر فَإِذا بعدة الموسطين قد نقصت وَاحِد. فَمن شدَّة خوفهم أَن يطلع النَّهَار ويبلغ الْوَالِي أَن الموسطين قد أَخذ مِنْهُم وَاحِد فيوسطهم بدله مروا فِي الدَّرْس المسلوك ليأخذوا من انْفَرد من الْمُسَافِرين يوسطوه ويعلقوه بدل الَّذِي نقص من الْعدة فَإِذا هم بِرَجُل على حمَار وَتَحْته قفتين فَأَخَذُوهُ ووسطوه وعلقوه مَعَ الموسطين. فَلَمَّا طلع النَّهَار جَاءَهُم مقدم الْوَالِي لكشف حَال الموسطين فَإِذا عدتهمْ قد زَادَت وَاحِدًا فَأنْكر على الخفراء وأحضرهم إِلَى الْوَالِي وأعلمه الْخَيْر فَلم يَجدوا بدا من الصدْق وَأَخْبرُوهُ أَنهم نَامُوا آخر اللَّيْل وانتبهوا سحرًا فَرَأَوْا الْعدة قد نَقَصُوا وَاحِدًا فَمَا شكوا فِي أَنه أَخذه أَهله فَأخذُوا رجلا على حمَار من الْمَارَّة ووسطوه وعلقوه مَكَان الَّذِي نقص. وحلفوا أيماناً عديدة أَنهم مَا رَأَوْهُمْ إِلَّا ناقصين وَاحِدًا. فَأمر بِفَتْح القفتين اللَّتَيْنِ كَانَتَا على حمَار الْمَقْتُول فَإِذا فِي كل قفة نصف امْرَأَة قد نقشت فَعلم الْوَالِي وَمن حَضَره أَنه كَانَ قد قتل هَذِه الْمَرْأَة وسرى بهَا سحرًا حَتَّى يواريها فَقتله الله بهَا. وَكَانَ فِي هَذِه تذكرة لمن وعي أَن الْجَزَاء وَاقع. وَفِي آخر هَذَا الشَّهْر: أفرج عَن الْأَمِير طرباي من سجن الْإسْكَنْدَريَّة وَنقل إِلَى الْقُدس ليقيم بِهِ غير مضيق عَلَيْهِ وأنعم عَلَيْهِ بِأَلف دِينَار.

<<  <  ج: ص:  >  >>