حوانيت الشُّهُود زَمَانا واستنابه فِي الْحِسْبَة بِالْقَاهِرَةِ بوساطة الْأَمِير يلبغا السالمي وَكَانَ من أَصْحَابه. ثمَّ نَاب فِي الحكم بِالْقَاهِرَةِ عَن قَاضِي الْقُضَاة جلال الدّين عبد الرَّحْمَن بن البُلْقِينِيّ مُدَّة سِنِين. وأثرى فِي قَضَائِهِ وَكثر مَاله. ثمَّ صرف عَن الحكم ودرس الْفِقْه بخانكاة شيخو بِمَال وَزنه فِي التدريس ثمَّ ولي الخانكاة. وَفِيه قدم كتاب الْأَمِير تغري بردي المحمودي من مَكَّة وَقد توجه حاجباً يتَضَمَّن أَنه بعث لما نزل من عقبَة أَيْلَة قَاصِدا إِلَى الشريف حسن بن عجلَان يرغبه فِي الطَّاعَة ويحذره عَاقِبَة الْمُخَالفَة فَقدم ابْنه الشريف بَرَكَات بن حسن وَقد نزل بطن مر فِي ثامن عشْرين ذِي الْقعدَة فسر بقدومه وَدخل بِهِ مَعَه مَكَّة أول ذِي الْحجَّة وَحلف لَهُ بَين الْحجر الْأسود والملتزم أَن أَبَاهُ لَا يَنَالهُ مَكْرُوه من قبله وَلَا من قبل السُّلْطَان فَعَاد إِلَى أَبِيه وَقدم بِهِ مَكَّة يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَالِث ذِي الْحجَّة وَأَنه حلف لَهُ ثَانِيًا وَألبسهُ التشريف السلطاني وَقَررهُ فِي إِمَارَة مَكَّة على عَادَته وَأَنه عزم على حُضُوره إِلَى السُّلْطَان صُحْبَة الركب واستخلاف وَلَده بَرَكَات على مَكَّة. وَفِي خَامِس عشرينه: ورد إِلَى سَاحل بولاق اثْنَا عشر غراب من أغربة الْغُزَاة. وَفِي ثامن عشرينه: قدم مبشرو الْحَاج وأخبروا بسلامة الْحجَّاج وَأَن الوقفة بِعَرَفَة كَانَت يَوْم الِاثْنَيْنِ وَكَانَت بِالْقَاهِرَةِ يَوْم الْأَحَد. وَمَات فِي هَذِه السّنة مِمَّن لَهُ ذكر قَاضِي الْقُضَاة عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن بدر الدّين أَبُو الثَّنَاء مَحْمُود بن أبي الْجُود أبي بكر بن مغلي الْحَمَوِيّ الْحَنْبَلِيّ فِي يَوْم الْخَمِيس الْعشْرين منالمحرم وَقد قَارب السّبْعين سنة وَكَانَت آباؤه من سلمية يعانون التِّجَارَة وَولد هُوَ بحماة وَنَشَأ بهَا وعانى طلب الْعلم وَقدم الْقَاهِرَة شَابًّا سنة إِحْدَى وَتِسْعين فِي زِيّ التُّجَّار واشتهر بِكَثْرَة الْحِفْظ لجودة حافظته وَمَا زَالَ يدأب حَتَّى صَار من أَئِمَّة الْفِقْه والْحَدِيث والنحو ويشارك فِي فنون كَثِيرَة وَكَانَ يحفظ فِي كل مَذْهَب من الْمذَاهب الثَّلَاثَة كتابا ويحفظ من مذْهبه كثيرا إِلَى الْغَايَة وَولي قَضَاء الْحَنَابِلَة بحماة بعد سنة ثَمَانمِائَة ثمَّ ولاه الْمُؤَيد. شيخ قَضَاء الْقُضَاة الْحَنَابِلَة بالديار المصرية فباشره حَتَّى مَاتَ. وَكَانَ لَهُ ثراء وسعة وَلم يخلف بعده مثله. وَقتل الْأَمِير تغري بردي خنقاً بقلعة حلب فِي ربيع الأول فمستراح مِنْهُ لَا دين وَلَا عقل وَلَا مُرُوءَة مَا هُوَ إِلَّا الظُّلم وَالْفِسْق.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute