الشَّاب يروح وَيَجِيء شاقاً لَهَا وماراً فِيهَا كَأَنَّمَا خلق من الرّيح فَكَانَ شَيْئا عجبا لَا سِيمَا وَلم يتَقَدَّم لَهُ إدمان فِي ذَلِك وَلَا دربه فِيهِ معلم وَإِنَّمَا تاقت إِلَيْهِ نَفسه فامتحنها فَإِذا هِيَ متأتية لَهُ فِيمَا أَرَادَ فبرز وَأبْدى مَا يعجز عَنهُ سواهُ. وَمن نصف هَذَا الشَّهْر: انحل سعر الشّعير حَتَّى أبيع الأردب بِدِينَار أشرفي وانحل سعر الفول حَتَّى أبيع الأردب بثلاثمائة دِرْهَم بعد مَا بلغ أَرْبَعمِائَة وَوجد الْقَمْح وَكثر وَللَّه الْحَمد. وَفِيه قدم الْأَمِير أرنبغا المتوجه فِي الْبَحْر إِلَى مَكَّة وَكَانَ مَعَه هَدِيَّة لصَاحب الْيمن فَمضى بهَا فِي الْبَحْر من جدة وَمَعَهُ شخص يُقَال لَهُ ألطنبغا فرنجي - ولي دمياط مرَارًا - ومعهما من المماليك السُّلْطَانِيَّة خَمْسُونَ نَفرا وَقد حسن للسُّلْطَان شخص أَخا الْيمن بِهَذِهِ الْعدة فَتَأَخر فرنجي فِي مركب على سَاحل حلي بني يَعْقُوب بالمماليك وَتوجه أرنبغا وَمَعَهُ مِنْهُم خَمْسَة نفر بالهدية وَالْكتاب وَهُوَ يتَضَمَّن طلب مَال للإعانة على جِهَاد الفرنج فَأخذ متملك الْيمن فِي تجهيز الْهَدِيَّة فَأَتَاهُ الْخَبَر بِأَن فرنجي نهب بعض الضّيَاع وَقتل أَرْبَعَة رجال فَأنْكر صَاحب الْيمن أَمرهم وتنبه لَهُم وَقَالَ لأرنبغا: مَا هَذَا خبر خير فَإِن الْعَادة أَن يقدم فِي الرسَالَة وَاحِد فقدمتم فِي خمسين رجلا ويحضر إِلَيّ مِنْكُم إِلَّا أَنْت فِي خَمْسَة نفر وَتَأَخر باقيكم وَقتلُوا من رجالي أَرْبَعَة وطرده عَنهُ من غير أَن يُجهز هَدِيَّة وَلَا وَصله بِشَيْء فنجا وَمن مَعَه بِأَنْفسِهِم وعادوا جَمِيعًا إِلَى مَكَّة وَقدم أرنبغا مخفاً. شهر ربيع الآخر أول السبت: فِيهِ توجه الْأَمِير قصروه عَائِدًا إِلَى طرابلس على نيابته بهَا. وَفِي ثامنه: خلع على الْأَمِير يشبك الساقي الْأَعْرَج وَاسْتقر أَمِير سلَاح بعد موت أينال النوروزي. وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء حادي عشره: نصب تَاجر عجمي حبلاً فِيمَا بَين مأذنتي مدرسة حسن ليفعل كَمَا فعل من تقدم ذكرهمَا وَخرج من أَعلَى أحديهما وَمَشى على الْحَبل عدَّة خطوَات ثمَّ عَاد من حَيْثُ ابْتَدَأَ وَمَشى ثَانِيًا على قَدَمَيْهِ إِلَى آخِره وَأبْدى عجائب مِنْهَا أَنه جلس على الْحَبل وأرخى رجلَيْهِ وَتَنَاول وَهُوَ كَذَلِك قوساً كَانَت على كتفه وَأخرج من كِنَانَته سَهْمَيْنِ رمى بهما وَاحِد بعد آخر ثمَّ قَامَ وَدخل وَهُوَ قَائِم على الْحَبل فِي طارة كَانَت مَعَه وَخرج مِنْهَا وَكرر دُخُوله فِيهَا وَخُرُوجه مِنْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute