للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصَّالح نجم الدّين فَكَانَ كلما سرح سعد الدّين مِنْهَا طائراً وَقع فِي برجه بقلعة بعلبك فَأتى بِهِ البراج إِلَى الْملك الصَّالح عماد الدّين ثمَّ إِن الصَّالح عماد الدّين زور بطاقة عَن الطَّبِيب سعد الدّين فِيهَا إِن الْمولى الْملك الصَّالح عماد الدّين فِي الاهتمام للمسير إِلَى المعسكر الْمَنْصُور وَإنَّهُ بَاقٍ على الطَّاعَة وسرح هَذِه البطاقة المزورة على جنَاح طائرة من الطّور الَّتِي وصلت مَعَ الطَّبِيب سعد الدّين فَلَمَّا وقف عَلَيْهَا الْملك الصَّالح نجم الدّين ظن أَنَّهَا من عِنْد رَسُوله فطاب قلبه ووالى الصَّالح عماد الدّين إرْسَال البطائق المزورة وَكلما سرح الطّيب طائرا ببطاقة وَقع فِي قلعة بعلبك فيصل إِلَى الصَّالح عماد الدّين. وَاتفقَ مَعَ ذَلِك أَمر آخر من عَجِيب مَا يجْرِي: وَهُوَ أَن المظفر صَاحب حماة كَانَ منتمياً إِلَى الصَّالح نجم الدّين ومهتما بنصرته ويخطب لَهُ فِي بِلَاده وَكَانَ الحلبيون والمجاهد صَاحب حمص معاندين لَهُ ومساعدين عَلَيْهِ فَعلم المظفر صَاحب حماة مَا عَلَيْهِ خَاله الصَّالح عماد الدّين - صَاحب بعلبك - من قصد دمشق وموافقة الْمُجَاهِد صَاحب حمص لَهُ وَكَانَت عَسَاكِر دمشق مَعَ الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب على نابلس وهم خَمْسَة آلَاف وَلَيْسَ بِدِمَشْق من يحفظها فخاف الْملك المظفر صَاحب حماة على دمشق وباطن الْأَمِير سيف الدّين عَليّ بن أبي عَليّ الهذباني على أَنه يظْهر الحرد عَلَيْهِ وفارقه ويوهم أكَابِر الْبَلَد بِأَن المظفر قد عزم على تَسْلِيم حماة إِلَى الفرنج لما حصل عِنْده من الْغبن من المجاورين لَهُ وَأخذ بِلَاده مِنْهُ وَقصد المظفر بِهَذِهِ الْحِيلَة مكيدة صَاحب حمص وَأَن الْأَمِير سيف الدّين إِذا ذهب بالعسكر وأكابر الرّعية إِلَى دمشق أَقَامُوا بهَا وحفظوها حَتَّى يتَوَجَّه الْملك الصَّالح إِلَى مصر أَو يعود إِلَى دمشق فأظهر سيف الدّين الْغَضَب على المظفر وَأخذ قِطْعَة من الْعَسْكَر وَمن أكَابِر حماة وَخرج فَسَار حَتَّى نزل على حمص عِنْد بحيرة قدس فَلم يخف على الْمُجَاهِد صَاحب حمص مَا دبره المظفر من مكيدته وَخرج من حمص وَبعث إِلَى الْأَمِير سيف الدّين يُرِيد الِاجْتِمَاع بِهِ فَأَتَاهُ سيف الدّين مُنْفَردا واعلمه بِأَنَّهُ كره مجاورة المظفر لما هُوَ عَلَيْهِ من الْميل للفرنج والعزم على تسليمهم حماة فأظهر لَهُ الْملك الْمُجَاهِد الْبشر ولاطفه واستدعاه إِلَى ضيافته بداخل حمص فَلَمَّا صَار بِهِ إِلَى القلعة استدعى أَصْحَابه لينزلوا فِي الْبَلَد فَدخل بَعضهم وَامْتنع بَعضهم من الدُّخُول إِلَى حمص فَلَمَّا تمكن الْمُجَاهِد من الْأَمِير سيف الدّين قبض عَلَيْهِ واعتقله هُوَ وَمن دخل من أَصْحَابه وفر الْبَاقُونَ فعاقب الْمُجَاهِد من صَار فِي قَبضته أَشد الْعقُوبَة واستصفى أَمْوَالهم ومازال بِسيف الدّين حَتَّى هلك فضعف المظفر لتلف رجال عسكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>