فِي ثالثه: قدم النجاب من دمشق بِجَوَاب الْأَمِير شارقطلوا نَائِب الشَّام يعْتَذر عَن حُضُور قَاضِي الْقُضَاة شهَاب الدّين أَحْمد بن الكشك. وَكَانَ قد كتب بِحُضُورِهِ ليستقر فِي كِتَابَة السِّرّ عوضا عَن شهَاب الدّين أَحْمد بن السفاح بعد مَوته وَيحمل عشرَة آلَاف دِينَار فَامْتنعَ من ذَلِك وَاحْتج بِضعْف بَصَره وآلام تعتريه فاستدعى السُّلْطَان عِنْد ذَلِك الْوَزير الصاحب كريم الدّين عبد الْكَرِيم ابْن كَاتب المناخ ورسم لَهُ بِكِتَابَة السِّرّ. فَلَمَّا أصبح يَوْم الثُّلَاثَاء رابعه: خلع عَلَيْهِ خلعة الوزارة وَاسْتقر فِي كِتَابَة السِّرّ مُضَافا إِلَى الوزارة وَلم يَقع مثل ذَلِك فِي الدولة التركية أَنَّهُمَا اجْتمعَا لوَاحِد فَنزل فِي موكب جليل إِلَى الْغَايَة وباشر مَعَ بعده عَن صناعَة الْإِنْشَاء وَقلة دربته بِقِرَاءَة الْقَصَص والمطالعات الْوَارِدَة من الْأَعْمَال غير أَن الْكَفَاءَة غير مُعْتَبرَة فِي زَمَاننَا بِحَيْثُ أَن بعض السوقة مِمَّن نعرفه ولي كِتَابَة السِّرّ بحماة على مَال قَامَ بِهِ وَهُوَ لَا يحسن الْقِرَاءَة وَلَا الْكِتَابَة فَكَانَ إِذا ورد عَلَيْهِ كتاب وَهُوَ بَين يَدي النَّائِب لَا يقرأه مَعَ شدَّة الْحَاجة إِلَى قِرَاءَته ليعلم مَا تضمنه ثمَّ يمْضِي إِلَى دَاره حَتَّى يقرأه لَهُ رجل أعده عِنْده لذَلِك ثمَّ يعود إِلَى النَّائِب فيعلموه بمضمون الْكتاب وتداعى بِالْقَاهِرَةِ خصمان عِنْد كَبِير من قضاتها فقضي على الْمُدَّعِي عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ مَا مَعْنَاهُ أَنه حكم بِغَيْر الْحق فَأمر بإخراجهما حَتَّى ينظر فِي مسألتهما ثمَّ طلع بعض كتب مذْهبه فَوجدَ الْأَمر على مَا ادَّعَاهُ الرجل من خطأ القَاضِي فردهما وَقَالَ: وجدنَا فِي الْكتاب الْفُلَانِيّ الْأَمر كَمَا قلت وَلم يبال بِمَا تبين من جَهله وَلِهَذَا نَظَائِر لَو عددنا مَا بلغنَا مِنْهَا لقام من ذَلِك سفر كَبِير مَعَ الْحجاب وَإِعْجَاب وفرط الرقاعة وَإِلَى الله المشتكى. وَفِي الْخَمِيس ثَالِث عشره: ابْتَدَأَ السُّلْطَان بِالْجُلُوسِ فِي الإيوان بدار الْعدْل من القلعة. وَكَانَ قد ترك من بعد الظَّاهِر برقوق الْجُلُوس بِهِ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيس إِلَّا فِي النَّادِر الْقَلِيل سِيمَا فِي الْأَيَّام المؤيدية شيخ فتشعث ونسبت عوائده ورسومه إِلَى أَن اقْتضى رأى السُّلْطَان أَن يجدد عَهده فأزيل شعثه وتتبعت رسومه. ثمَّ جلس فِيهِ وعزم على ملازمته فِي يومي الْخدمَة ثمَّ ترك ذَلِك. وَفِيه قدم ركب الْحجَّاج المغاربة وَقدم ركب الْحَاج التكرور أَيْضا وَفِيهِمْ بعض مُلُوكهمْ فعوملوا جَمِيعًا بِأَسْوَأ مُعَاملَة من التشدد فِي أَخذ المكوس مِمَّا جلبوه من الْخَيل وَالرَّقِيق وَالثيَاب وكلفوا مَعَ ذَلِك حمل مَال فشنعت القالة. وَفِي عشرينه: خرج محمل الْحَاج إِلَى بركَة الْحجَّاج. وَفِي حادي عشرينه: أَخذ قاع النّيل فَكَانَ سِتَّة أَذْرع وَعشْرين إصبعاً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute