للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكسرهم وَاسْتولى على مَا مَعَهم ومضوا هاربين إِلَى عانة. وفيهَا خَافَ الصَّالح عماد الدّين من الْملك الصَّالح نجم الدّين فكاتب الفرنج وَاتفقَ مَعَهم على معاضدته ومساعدته ومحاربة صَاحب مصر وَأَعْطَاهُمْ قلعة صفد وبلادها وقلعة الشقيف وبلادهما ومناصفة صيدا وطبرية وأعمالها وجبل عاملة وَسَائِر بِلَاد السَّاحِل وعزم الصَّالح عماد الدّين على قصد مصر لما بلغه من الْقَبْض على المماليك الأشرفية والخدام ومقدمي الْحلقَة وَبَعض الْأُمَرَاء وَأَن من بَقِي من أُمَرَاء مصر خَائِف على نَفسه من السُّلْطَان فتجهز وَبعث إِلَى الْمَنْصُور صَاحب حمص وَإِلَى الحلبيين وَإِلَى الفرنج يطْلب مِنْهُم النجدات وَأذن الصَّالح إِسْمَاعِيل للفرنج فِي دُخُول دمشق وَشِرَاء السِّلَاح فَأَكْثرُوا من ابتياع الأسلحة وآلات الْحَرْب من أهل دمشق فَأنْكر الْمُسلمُونَ ذَلِك ومشي أهل الدّين مِنْهُم إِلَى الْعلمَاء واستفتوهم فَأفْتى الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام بِتَحْرِيم بيع السِّلَاح للفرنج وَقطع من الْخطْبَة بِجَامِع دمشق الدُّعَاء للصالح إِسْمَاعِيل وَصَارَ وَيَدْعُو فِي الْخطْبَة بِدُعَاء مِنْهُ: اللَّهُمَّ أبرم لهَذِهِ الْأمة إبرام رشد تعز فِيهِ أولياءك وتذل فِيهِ أعداءك وَيعْمل فِيهِ بطاعتك وَيُنْهِي فِيهِ معصيتك وَالنَّاس يضجون بِالدُّعَاءِ. وَكَانَ الصَّالح غَالِبا عَن دمشق فكوتب بذلك فورد كِتَابه بعزل بن عبد السَّلَام عَن الخطابة واعتقاله هُوَ وَالشَّيْخ أبي عَمْرو بن الْحَاجِب لِأَنَّهُ كَانَ قد أنكر فاعتقلا ثمَّ لما قدم الصَّالح أفرج عَنْهُمَا وألزم بن عبد السَّلَام بملازمة دَاره وَألا يُفْتى وَلَا يجْتَمع بِأحد الْبَتَّةَ فاستأذنه فِي صَلَاة الْجُمُعَة وَأَن يعبر إِلَيْهِ طَبِيب أَو مزين إِذا احْتَاجَ إِلَيْهِمَا وَأَن يعبر الْحمام فَأذن لَهُ فِي ذَلِك وَولي خطابة دمشق بعد عز الدّين عبد السَّلَام علم الدّين دَاوُد بن عمر بن يُوسُف بن خطيب بَيت الْآبَار وبرز الصَّالح من دمشق وَمَعَهُ عَسَاكِر حمص وحلب وَغَيرهَا وَسَار حَتَّى نزل بنهر العوجاء فَبَلغهُ أَن النَّاصِر دَاوُد قد خيم على البلقاء فَسَار إِلَيْهِ وأوقع بِهِ فانكسر النَّاصِر وَانْهَزَمَ إِلَى الكرك وَأخذ الصَّالح أثقاله وَأسر جمَاعَة من أَصْحَابه وَعَاد إِلَى العوجاء وَقد قوي ساعده واشتدت شوكته فَبعث يطْلب نجدات الفرنج على أَنه يعطيهم جَمِيع مَا فَتحه السُّلْطَان صَلَاح الدّين يُوسُف ورحل وَنزل تل العجول فَأَقَامَ أَيَّامًا وَلم يسْتَطع عبور مصر فَعَاد إِلَى دمشق وَذَلِكَ أَن الْملك الصَّالح نجم الدّين لما بلغه حَرَكَة الصَّالح إِسْمَاعِيل من دمشق وَمَعَهُ الفرنج جرد العساكر إِلَى لِقَائِه فألقاهم. وعندما تقَابل العسكران ساقت عَسَاكِر الشَّام إِلَى عَسَاكِر مصر طَائِعَة ومالوا جَمِيعًا على الفرنج فهزموهم وأسروا مِنْهُم خلقا لَا يُحصونَ وبهؤلاء الأسرى عمر السُّلْطَان الْملك الصَّالح نجم الدّين قلعة الرَّوْضَة والمدارس الصالحية بِالْقَاهِرَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>