للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وصِار الْعَسْكَر فِي الْجُمْلَة قسمَيْنِ: قسم يُقَال عَنْهُم أَنهم قرانصة وهم الظَّاهِرِيَّة والناصرية والمؤيدية وكلمتهم متفقة على طَاعَة الْملك الْعَزِيز وَأَن يكون الْأَمِير الْكَبِير جقمق العلاى نظام الْملك كَمَا قَرَّرَهُ السُّلْطَان وَأَنَّهُمْ لَا يصعدون إِلَى القلعة خوفًا على أنفسهم من المماليك الأشرفية. وَالْقسم الآخر المماليك الأشرفية سكان الطباق بالقلعة ورأيهم أَن يكون الْملك الْعَزِيز مستبدًا بِالْأَمر وَحده وأعيانهم الْأَمِير أينال شاد الشرابخاناه والأمير يخضى باى أَمِير أخور ثَانِي والأمير على بيه الخازندار والأمير مغلباى الجقمقى أستادار الصُّحْبَة والأمير قرقماس قريب السُّلْطَان. وَهَذِه الطَّائِفَة الأشرفية مُخْتَلفَة بَعْضهَا على بعض. فَلَمَّا إشتهر أَمر هذَيْن الطَّائِفَتَيْنِ وشنعت القالة عَنْهُمَا قَامَ عَظِيم الدولة القَاضِي زين الدّين عبد الباسط فِي لم هَذَا الشعث وإخماد نَار الْفِتْنَة ليصلح بَين الْفَرِيقَيْنِ. وَوَافَقَهُ على ذَلِك الْأَمِير أينال الشاد فإستدعى سكان الطباق من الممالك إِلَى جَامع القلعة وَأرْسل إِلَى الْقُضَاة. فَلَمَّا تَكَامل الْجمع مازال بهم حَتَّى أذعنوا إِلَى الْحلف فتوفى تحليفهم القَاضِي شرف الدّين الْأَشْقَر نَائِب كَاتب السِّرّ على الْإِقَامَة على طَاعَة الْملك الْعَزِيز والإتفاق مَعَ الْأَمِير الْكَبِير جقمق وَألا يتَعَرَّض أحد مِنْهُم لشر وَلَا فتْنَة وَلَا يتَعَرَّضُوا لأحد من الْأُمَرَاء المقيمين بديار مصر وَلَا إِلَى الْأُمَرَاء المجردين وَلَا إِلَى كفلاء ممالك الشَّام فِي نفس وَلَا مَال وَلَا رزق. فَلَمَّا حلف الْأَمِير أينال والأمير على بيه والأمير تمرباى الدوادار وَعَامة المماليك حلف القَاضِي زين الدّين عبد الباسط أَن يكون مَعَ الْفَرِيقَيْنِ وَلَا يباطن طَائِفَة على الْأُخْرَى ثمَّ قَامَ الْجَمِيع وَقصد القَاضِي زين الدّين دَار الْأَمِير الْكِير جقمق وَمَعَهُ عدَّة من أَعْيَان الأشرفية حَتَّى حلفه وَحلف بعده من بقى بديار مصر من الْأُمَرَاء. ثمَّ نزل بعد ذَلِك الْأَمِير أينال ثمَّ الْأَمِير على بيه إِلَى الْأَمِير الْكَبِير جقمق وَقبل كل مِنْهُمَا يَده فإبتهج بهما وَبَالغ فِي إكرامهما. وسكنت تِلْكَ الثائرة. وَللَّه الْحَمد. وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء عاشره: وَهُوَ يَوْم عيد النَّحْر خرج الْملك الْعَزِيز فصلى صَلَاة الْعِيد بِجَامِع القلعة وَقد صعد إِلَى خدمته بالجامع الْأَمِير الْكَبِير جقمق وَمن عداهُ من الْأُمَرَاء. ثمَّ مَشوا فِي الْخدمَة بعد الصَّلَاة حَتَّى جلس على بَاب الستارة. وخلع على الْأَمِير الْكَبِير وعَلى من جرت عَادَته بِالْخلْعِ فِي يَوْم عيد النَّحْر. ونزلوا إِلَى دُورهمْ. فَقَامَ الْملك الْعَزِيز وَدخل وَذبح وَنحر الضَّحَايَا بالحوش هَذَا وَقد توالت على السُّلْطَان نوب الصرع مرَارًا وتخلت قواه حَتَّى صَار كَمَا قيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>