وَلم يبْق إِلَّا نفس خَافت ومقلة إنسانها باهت يرثى لَهُ الشامت مِمَّا بِهِ ياويح من يرثى لَهُ الشامت. حَتَّى مَاتَ عصر يَوْم السبت ثَالِث عشره. تغمده الله برحمته وَأَسْكَنَهُ فسيح جنته. السُّلْطَان الْملك الْعَزِيز جمال الدّين أقيم فِي الْملك بعد أَبِيه وَذَلِكَ أَن السُّلْطَان برسباى لما مَاتَ بَادر القَاضِي زين الدّين عبد الباسط والأمير أينال الشاد والأمير على بيه والأمير تمرباى الدوادار وَقد اجْتَمعُوا بالقلعة وبعثوا فِي الْحَال القَاضِي شرف الدّين الْأَشْقَر فِي إستدعاء الْخَلِيفَة وَبعث القَاضِي زين الدّين بعض غلمانه فِي طلب الْقُضَاة فَأتوا جَمِيعًا. وَدخل الْأَمِير جَوْهَر الزِّمَام فَأخْرج بِالْملكِ الْعَزِيز إِلَى بَاب الستارة وأجلس هُنَاكَ وَطلب الْأَمِير الْكَبِير جقمق وَبَقِيَّة الْأُمَرَاء وَنزل الممالك من الطباق. فَلَمَّا تَكَامل جمعهم وَحضر الْوَزير وَكَاتب السِّرّ وناظر الْخَاص فوض الْخَلِيفَة السلطة للْملك الْعَزِيز وأفاض عَلَيْهِ التشريف الخليفتى وقلده السَّيْف وَقد بَقِي لغروب الشَّمْس نَحْو سَاعَة. وَعمر السُّلْطَان يَوْمئِذٍ أَربع عشرَة سنة وَسَبْعَة أشهر فَقَامَ من بَاب الستارة وَركب فرسه وَرفعت الْقبَّة وَالطير على رَأسه وَقد حملهَا الْأَمِير الْكَبِير وَسَار وَالْكل مشَاة فِي ركابه حَتَّى عبر إِلَى الْقصر فَجَلَسَ على تخت الْملك وسرير السلطنة وَقبل الْأُمَرَاء وَغَيرهم الأَرْض لَهُ. وَقَرَأَ الْعَهْد بالسلطنة الصاحب بدر الدّين حسن بن نصر الله كَاتب السِّرّ فَخلع على الْخَلِيفَة وعَلى الْأَمِير الْكَبِير وعَلى كَاتب السِّرّ. وَخَرجُوا من الْقصر وَقد غسل السُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف برسباى وكفن وَأخرج بالجنازة من الدّور إِلَى بَاب الْقلَّة فَوضعت هُنَالك. وَتقدم قَاضِي الْقُضَاة شهَاب الدّين أَبُو الْفضل أَحْمد بن حجر الشافعى فصلى بِالنَّاسِ عَلَيْهَا قبيل الْغُرُوب وشيع الْأُمَرَاء والمماليك وَغَيرهم الْجِنَازَة حَتَّى دفنت بالتربة الَّتِى أَنْشَأَهَا رَحمَه الله خَارج بَاب المحروق بالصحراء تَحت الْقبَّة. وَقد إجتمع من النَّاس مَا لَا يحصيهم إِلَّا خالقهم سُبْحَانَهُ. وَالنَّاس بِالْقَاهِرَةِ فِي بيعهم وشرائهم بالأسواق فِي أَمن ودعة وَسُكُون. ونودى فِي الْقَاهِرَة بالأمان والإطمئنان وَالْبيع وَالشِّرَاء وَأَن يترحموا على الْملك الْأَشْرَف وَالدُّعَاء للسُّلْطَان الْملك الْعَزِيز جمال الدّين
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute