للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دَاخل بَاب الستارة حَيْثُ سُكْنى الْحَرِيم السلطانى وأقرت عِنْده دادته الَّتِي ربته من صغره وَمَعَهَا عدَّة جوارى للعزيز مَا بَين سرارى لَهُ وخدم ومكنت مرضعته من التَّرَدُّد إِلَيْهِ وَالْإِقَامَة عِنْده مَا أَحبت وَكَانَ الْقَائِم بأَمْره فِي قبض مَا رتب لَهُ على السُّلْطَان من لحم ودجاج وأوز وحلوى فِي كل يَوْم وَمَا فرض لَهُ من أوقاف أَبِيه فِي كل شهر طواشي من عُتَقَاء أمه خوند جلبان هندي لم يبلغ الْعشْرين سنة اسْمه صندل فِيهِ يقظة وكيس فإحتوى على جَمِيع أَحْوَاله لإنفراده بخدمته وَكَانَ يشاع غير مرّة الإرجاف بكحل الْعَزِيز وبنقله إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة وَهُوَ يخبر الْعَزِيز بذلك فيرتاع لَهُ إِلَى أَن إشتهر أَن بعض الْقُضَاة أفتى بِأَن فِي قتل الْعَزِيز حقن الدِّمَاء وصيانة الْأَمْوَال فَلم يطق صندل صبرا على كتمان ذَلِك وَأكْثر من إلقائه إِلَى الْعَزِيز وترويعه وتحسين الْفِرَار إِلَى أَن إنفعل لَهُ وَكَانَ للعزيز طباخ أَيَّام أَبِيه فداخله صندل فِي إِخْرَاج الْعَزِيز فوافقه على أَنه ينْهض بِإِخْرَاجِهِ وشرعت جوارى الْعَزِيز فِي نقب مَوضِع من الدَّار بمساعدة الطباخ من خَارج حَتَّى تهَيَّأ هَذَا وصندل يحدث جمَاعَة من الأشرفية فِي الْقيام مَعَه إِذا خرج وَذَلِكَ أقْصَى مُرَادهم وَغَايَة أملهم فاتعدوا لذَلِك حَتَّى كَانَ وَقت الْإِفْطَار فِي لَيْلَة الْإِثْنَيْنِ وَالنَّاس فِي شغل بأكلهم وقف الطباخ من خَارج النقب فَخرج الْعَزِيز عُريَانا مَكْشُوف الرَّأْس فألبسه الطباخ من خلقانه ثوبا مملوءًا بالدهن وَسَوَاد الْقُدُور وَجعل على رَأسه قدرا وَحمله على يَده وعَاء فِيهِ طَعَام بعد أَن غير محَاسِن وَجهه وَبَيَاض يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ بسواد الْقُدُور وَخرج وَهُوَ مَعَه كَأَنَّهُ من جملَة صبيان المطبخ فَلم يفْطن أحد لَهُ حَتَّى خرج من بَاب القلعة وَقد خرج الْأُمَرَاء من الْفطر من عِنْد السُّلْطَان فَضرب الطباخ الْعَزِيز ضَرْبَة مُنكرَة وصادى بِهِ ليرد بذلك الْوَهم فَمشى بَين الْأُمَرَاء على تِلْكَ الْهَيْئَة إِلَى أَن نزل من بَاب القلعة فَإِذا صندل وطوغان الزردكاش وأزدمر فِي آخَرين من المماليك غير كثير فقبلوا يَده ومضوا بِهِ إِلَى دَار بَعضهم. وَكَانَ فِي ظن الْعَزِيز ودادته وجواريه أَنه إِذا نزل من القلعة يجد مماليكه ومماليك أَبِيه مستعدين لَهُ فإمَّا يحارب بهم وَإِمَّا يتَوَجَّه إِلَى الشَّام فَلَمَّا لم ير مِنْهُم مَا كَانَ يؤمل أَرَادَ أَن يعود إِلَى مَوْضِعه وليته عَاد فَلم يمكنوه وَقَامَ طوغان فِي مَنعه من التَّوَجُّه إِلَى الشَّام وإلتزم أَنه يمْضِي إِلَى بِلَاد الصَّعِيد ويأتى بِمن هُنَاكَ من المماليك الأشرفية فِي التجريدة لقِتَال هوارة وهم سَبْعمِائة فَارس ومضي من ليلته فَكَانَ من أمره مَا سيأتى ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وإختفى الْعَزِيز هُوَ وطواشيه صندل الْهِنْدِيّ ومملوكه أزدمر وطباخه وَصَارَ ينْتَقل

<<  <  ج: ص:  >  >>