للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من مَوضِع إِلَى مَوضِع وَالْقَوْم فِي طلبه فمرت بِهِ فِي مُدَّة إختفائه أهوال وشدائد حَتَّى قبض عَلَيْهِ كَمَا سنراه إِن شَاءَ الله تَعَالَى. شهر شَوَّال أَوله الثُّلَاثَاء: فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء: كَانَت بالقلعة حركات مزعجة خرج فِيهَا السُّلْطَان من الدّور إِلَى الْقصر وإجتمع مَعَه من ثقاته غير وَاحِد ومرج أَيْضا أَمر من كَانَ تَحت القلعة فصلى السُّلْطَان صَلَاة الْعِيد بِالْقصرِ وَهُوَ على تخوف وَقد وقف جمَاعَة بِالسِّلَاحِ مصليتا على رَأسه حَتَّى قضى صلَاته ثمَّ صعد قَاضِي الْقُضَاة شيخ الْإِسْلَام شهَاب الدّين أَحْمد بن حجر بَعْدَمَا صلى إِمَامًا على كرسى فَخَطب وأوجز فِي خطبَته كَمَا أسْرع فِي صلَاته فَمَا هُوَ إِلَّا أَن فوغ من الْخطْبَة إِذْ جَاءَ الْخَبَر بِأَن الْأَمِير أينال قد تسحب لَيْلًا فَعظم الْخطب وَجل الْأَمر وَكَانَ سَبَب ذَلِك أَن الطَّائِفَة المؤيدية لم يكن لَهَا فِي أَيَّام الْأَشْرَف برسباى كَبِير حَظّ مِنْهُ فَلَمَّا مَاتَ خَافت المؤيدية من الأشرفية وإنضموا إِذْ ذَاك على الْأَمِير نظام الْملك جقمق وَقَامُوا بأَمْره حَتَّى كَانَ من أمره مَا تقدم ذكره وَأخرج الأشرفية إِلَى السجْن بالإسكندرية وَإِلَى الْحجاز وَإِلَى الصَّعِيد فأهينوا بعد عزمهم وإتضع جانبهم بعد رفعتهم وَصَارَ المؤيدية هِيَ الْمشَار إيها وإليهم الْحل وَالْعقد فجدوا فِي الإغراء بالعزيز كي يستريحوا من الأشرفية فَإِنَّهُم غير آمِنين من ثورتهم وَإِقَامَة الْعَزِيز. فَلَمَّا قَامَ الْأَمِير أينال الجكمى بِدِمَشْق ودعا للعزيز وَحلف أُمَرَاء دمشق على طَاعَته وَكَانَ الْأَمِير تغرى برمش أيضاًَ مِمَّن يمِيل إِلَى الْعَزِيز شقّ ذَلِك على المؤيدية وَعَلمُوا أَنهم مقتولون شَرّ قتلة إِن كَانَت للعزيز دولة فَأخذُوا فِي التحريض على قَتله حَتَّى إشتهر أَنه إِذا فرغ شهر رَمَضَان أمضى فِيهِ مَا أرادوه ففر الْعَزِيز لما خامر قلبه من الْخَوْف الشَّديد وَخَافَ الْأَمِير أينال أَن يتهم بِهِ وإجتمع عِنْده فِي لَيْلَة الْعِيد عدَّة من الأشرفية فَلم ينْهض بِشَيْء لخوره وَضَعفه وتركهم وَخرج من جَانب دَاره على بغل فِي ظلام اللَّيْل ثمَّ نزل عَن الْبَغْل وَمضى على قَدَمَيْهِ فَلم يعلم خَبره فَلَمَّا بلغ السُّلْطَان تسحبه أَمر فَنُوديَ بِالْقَاهِرَةِ أَلا يتَخَلَّف أحد من المماليك عَن الْخدمَة وهدد من تخلف بِالْقَتْلِ وَقبض على جمَاعَة من المماليك الأشرفية ثمَّ نُودي أَيْضا بإصلاح النَّاس الدروب وغلقهم أَبْوَاب دُورهمْ وَألا يخرج أحد إِلَى الشوارع بعد عشَاء الْآخِرَة وغلقت أَبْوَاب الْقَاهِرَة قبل عَادَة إغلاقها من اللَّيْل فَكَانَت لَيْلَة هَذَا الْعِيد ويومه من الْأَوْقَات النكدة حَتَّى كَأَنَّهُ لَيْسَ بعيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>