وَاتفقَ أَن الْأَمِير طرنطاي النَّائِب وَقع على جمَاعَة من أَصْحَاب منكوتمر فأسرهم وَفِيهِمْ حَامِل حرمدانة فَوجدَ فِي الحرمدار كتبا من الْأُمَرَاء مثل سنقر الْأَشْقَر وأيتمش السَّعْدِيّ وَغَيرهم مِمَّن كَانَ مَعَ سنقر الْأَشْقَر إِلَى التتار يحرضونهم على دُخُول الشَّام ويعدونهم بالمساعدة على أَخذهَا فَشَاور طرنطاي السُّلْطَان عَلَيْهَا فَأمر بغسلها فغسلت وَلم يطلع عَلَيْهَا أحد. وَأما السُّلْطَان فَإِنَّهُ وادع الْأَمِير سنقر الْأَشْقَر ورده وَمن حمص إِلَى عمله بصهيون على عَادَته ورد مَعَه من كَانَ عِنْده من الْأُمَرَاء. وهم أيتمش السَّعْدِيّ وسنجر الدواداري وكراي التتري وَغَيرهم. ورحل السُّلْطَان إِلَى دمشق فَقَدمهَا يَوْم الْجُمُعَة ثَانِي عشري رَجَب فَكَانَ يَوْمًا عَظِيما إِلَى الْغَايَة عظم فِيهِ سرُور النَّاس وَكثر فَرَحهمْ وَقَالَ فِيهِ الشُّعَرَاء عدَّة قصائد. وَفِي سَابِع: ورد الْخَبَر إِلَى الْقَاهِرَة. يعود السُّلْطَان إِلَى دمشق وَأَنه عِنْدَمَا اسْتَقر بهَا جرد الْعَسْكَر مَعَ الْأَمِير بدر الدّين الأيدمري إِلَى الرحبة ليدفع من عَلَيْهَا من التتار. وَأما أبغا بن هولاكو ملك التتار فَإِنَّهُ لم يشْعر وَهُوَ على الرحبة إِلَّا وَقد وَقعت بطاقة من السُّلْطَان إِلَى نَائِب الرحبة. بِمَا من الله بِهِ من النَّصْر وكسرة التتار فعندما بلغه ذَلِك بدق بشائر القلعة رَحل إِلَى بَغْدَاد. وَوصل الْأَمِير بدر الدّين الأيدمري إِلَى حلب وَبعث فِي طلب التتار إِلَى الْفُرَات فَفرُّوا من الطّلب وغرق مِنْهُم خلق كثير. وعبرت طَائِفَة مِنْهُم على قلعة البيرة فأتلهم أَهلهَا وَقتلُوا مِنْهُم خَمْسمِائَة وأسروا مائَة وَخمسين. وَتوجه مِنْهُم ألف وَخَمْسمِائة فَارس إِلَى بغراس وَفِيهِمْ أكَابِر أَصْحَاب سيس وأقاربهم فَخرج عَلَيْهِم الْأَمِير شُجَاع الدّين السينَانِي بِمن مَعَه فَقَتلهُمْ وأسرهم عَن آخِرهم بِحَيْثُ لم يفلت مِنْهُم إِلَّا دون الْعشْرين. وَتوجه مِنْهُم على سلمية نَحْو أَرْبَعَة آلَاف فَأخذ عَلَيْهِم نواب الرحبة الطرقات والمعابر فَسَارُوا فِي الْبَريَّة فماتوا عطشا وجوعا وَلم يسلم مِنْهُم إِلَّا نَحْو سِتّمائَة فَارس. فَخرج إِلَيْهِم أهل الرحبة فَقتلُوا أَكْثَرهم وأحضروا عدَّة مِنْهُم إِلَى الرحبة ضربت أَعْنَاقهم بهَا. وَأدْركَ بَقِيَّة التتر الْملك أبغا وَفِيهِمْ أَخُوهُ منكوتمر وَهُوَ مَجْرُوح فَغَضب عَلَيْهِ وَقَالَ: لم لَا مت أَنْت والجيش وَلَا انْهَزَمت وَغَضب أَيْضا على المقدمين. فَلَمَّا دخل أبغا بَغْدَاد سَار مِنْهَا إِلَى جِهَة همذان وَتوجه منكوتمر إِلَى بِلَاد الجزيرة فَنزل بِجَزِيرَة ابْن عمر وَكَانَت الجزيرة لأمه قد أَعْطَاهَا إِيَّاهَا أَبوهُ هولاكو لما أَخذهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute