الْمَيِّت بيدَيْهِ ورحليه من الْجَانِبَيْنِ وَيَرْمِي فِي الْحفر بالكيمان من غير غسل وَلَا كفن وَرمي كثير من الْأَمْوَات فِي الْآبَار حَتَّى تملأ ثمَّ تردم. وَمَات كثير من النَّاس بأطراف الْبِلَاد فَبَقيَ على الطرقات حَتَّى أَكلته الْكلاب وَأكل كثيرا مِنْهَا بَنو آدم أَيْضا وَحصر فِي شهر وَاحِد من هَذِه السّنة عدَّة من مَاتَ مِمَّن قدر على مَعْرفَته فبلغت الْعدة مائَة ألف وَسَبْعَة وَعشْرين ألف إِنْسَان وَعظم الموتان فِي أَعمال مصر كلهَا حَتَّى خلت الْقرى. وَتَأَخر الْمَطَر بِبِلَاد الشَّام حَتَّى دخل فصل الشتَاء لَيْلَة الْخَمِيس سادس صفر وَهُوَ سادس عشر كانون الأول وَلم يَقع الْمَطَر فتزايدت الأسعار فِي سَائِر بِلَاد الشَّام. وجفت الْمِيَاه فَكَانَت الدَّابَّة تَسْقِي بدرهم شربة وَاحِدَة وَيشْرب الرجل بِربع دِرْهَم شربة وَاحِدَة وَلم يبْق عشب وَلَا مرعي. وَبلغ الْقَمْح كل غرارة فِي دمشق بِمِائَة وَسبعين درهما وَالْخبْز كل رَطْل وأوقتين بدرهم وَاللَّحم كل رَطْل بأَرْبعَة دَرَاهِم وَنصف ثمَّ إِن الشَّيْخ شرف الدّين أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن سِبَاع الْفَزارِيّ قَرَأَ صَحِيح البُخَارِيّ تَحت قبَّة النسْر بالجامع الْأمَوِي بِدِمَشْق فِي يَوْم الْأَحَد تَاسِع صفر فَسقط الْمَطَر فِي تِلْكَ اللَّيْلَة وَاسْتمرّ عدَّة أَيَّام وعقبه ثلج فسر النَّاس إِلَّا أَن الأسعار تزايدت ثمَّ انحطت وَاشْتَدَّ الغلاء بالحجاز حَتَّى أبيعت الغرارة الْقَمْح فِي مَكَّة بِأَلف ومائتي دِرْهَم. وَفِي رَجَب: وَقعت صَاعِقَة على قبَّة زَمْزَم فقتلت الشَّيْخ عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد السَّلَام مُؤذن الْحرم وَهُوَ يُؤذن على سطح الْقبَّة. وفيهَا قدمت أم الْملك الْعَادِل سلامش بن السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر بيبرس من بِلَاد الْقُسْطَنْطِينِيَّة إِلَى دمشق فِي حادي عشر رَمَضَان وسارت إِلَى الْقَاهِرَة فِي ثامن عشره. وفيهَا مَاتَ الْملك السعيد إيلغازي بن المظفر فَخر الدّين قرا أرسلان الأرتقي صَاحب ماردين فَكَانَت أَيَّامه قَرِيبا من ثَلَاث سِنِين وَقَامَ من بعده أَخُوهُ الْملك الْمَنْصُور نجم الدّين عازي. وَفِي يَوْم السبت سَابِع عشر شَوَّال: خرج السُّلْطَان من قلعة الْجَبَل بعساكر مصر يُرِيد الشَّام واستخلف الْأَمِير شمس الدّين كرتيه فِي نِيَابَة السلطنة وَولده الْملك الْمُجَاهِد أنص. فَدخل دمشق فِي يَوْم السبت خَامِس عشر ذِي الْقعدَة، وَحمل الْأَمِير بيسرى الجتر على رَأسه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute