للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والإنصاف وَالعطَاء والإنعام وأحبه الْأُمَرَاء والأجناد والعامة فأفسد ذَلِك مَمْلُوكه منكوتمر بِسوء تَدْبيره. وَاتفقَ أَن لاجين لما اختفى هُوَ وقرا سنقر بعد قتل الْملك الْأَشْرَف رأى قرا سنقر رُؤْيا فَبعث إِلَى لاجين ليحضر إِلَيْهِ بِسَبَبِهَا وَكَانَ كل مِنْهُمَا يعرف مَوضِع الآخر. فَجَاءَهُ لاجين فِي صندوق حمل إِلَى دَار قراسنقر بحارة بهاء الدّين من الْقَاهِرَة حَيْثُ كَانَ مختفياً فتحادثا ثمَّ قَالَ لَهُ قرا سنقر: يَا شقير رَأَيْت رُؤْيا أَنا خَائِف أَن أقصها فتطمع نَفسك وتتغير نيتك وتغدر بِي فَحلف لَهُ أَنه لَا يخونه. فَقَالَ قراسنقر: رَأَيْت كَأَنَّك قد ركبت وَبَين يَديك خُيُول معقودة الأذناب مضفورة المعارف مُجَللَة بالرقاب الذَّهَب على عَادَة ركُوب الْمُلُوك ثمَّ نزلت وَجَلَست على مِنْبَر وَأَنت لابس خلعة الْخلَافَة واستدعتني وأجلستني على ثَالِث دَرَجَة من الْمِنْبَر وتحدثت معي قَلِيلا. ثمَّ دفعتني برجلك فَسَقَطت من الْمِنْبَر وانتبهت عِنْد سقوطي. وَهَذَا يدل على قربي مِنْك ورميك لي وَأَنا وَالله يَا شقير نحس قد خلفتك وَمَا أَدْرِي هَل تصدق أَو لَا فَضَحِك لاجين. وَكَانَ كَذَلِك فَإِنَّهُ استناب قراسنقر لما تسلطن قَلِيلا ثمَّ كَانَ من أمره مَا تقدم ذكره من سجنه لَهُ. فَكَانَ قراسنقر كل قَلِيل يبْعَث إِلَيْهِ برَسُول وَهُوَ سِجِّين وَيَقُول: يَا أخي اجْعَل فِي نَظِير بشارتي بِمَا آتاك الله أَن تفرج عني وتنفيني حَيْثُ أردْت فيبتسم لاجين وَيَقُول للرسول: سلم وَاتفقَ أَن لاجين رأى فِي الْمَنَام كَأَنَّهُ بِبَاب الْقلَّة من القلعة وَقد جلس فِي مَوضِع النَّائِب والنائب قدامه وقف وَشد وَسطه فَلَمَّا قَامَ من مَكَانَهُ صعد درجا وَإِذا بِرَجُل وَهُوَ كرجي وَقد طعنه بِرُمْح فَصَارَ كوم رماد. فاستدعى لاجين عَلَاء الدّين ابْن الْأنْصَارِيّ عَابِر الرُّؤْيَا وقص رُؤْيَاهُ عَلَيْهِ فَقَالَ: تدل هَذِه الرُّؤْيَا على أَن السُّلْطَان يستشهد على يَد كرجي. فَقَالَ لاجين: الله الْمُسْتَعَان وأوصاه بكتمان ذَلِك وَأَعْطَاهُ خمسين دِينَارا وَانْصَرف ابْن الْأنْصَارِيّ فَإِذا قَاصد الْأَمِير منكوتمر ينتظره فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ سَأَلَهُ عَن رويا السُّلْطَان فكتمها عَنهُ وَقَالَ: شَيْء يتَعَلَّق بِالْحَرِيمِ. فَقَالَ منكوتمر: قد رَأَيْت أَنا أَيْضا كَأَنِّي خرجت من الْخدمَة إِلَى دَار النِّيَابَة

<<  <  ج: ص:  >  >>