سنجر الجاولي فِي أمره فاتفقا على إِقَامَة شخص من الأقباط يرافعه ويحقق فِي جِهَته مَال السُّلْطَان. وَندب لذَلِك من وَقع الِاخْتِيَار عَلَيْهِ. فَكتب أوراقاً وَجلسَ الْأُمَرَاء فِي الْخدمَة فعرفهم سلار مَا بلغه عَن الْوَزير ومماليكه وَحط عَلَيْهِ. فَقَالَ الْأُمَرَاء بأجمعهم: مَتى ظهر فِي قبله شىء قطع جلده بالمقارع واستدعى. فَلَمَّا حضر قَالَ لي سلار: اسْمَع مَا يَقُول هَذَا الرجل من أَنَّك أخذت مَال السُّلْطَان وخنته وَقد عرفت الشَّرْط وَأَشَارَ للرجل بمحاققته. فَقَالَ ابْن الشيخي لشؤم بخته: وَمن هَذَا الْقطعَة النحس حَتَّى أَتكَلّم مَعَه أَو يسمع مِنْهُ فِي حق مثلى مَا يَقُوله. فَاشْتَدَّ عِنْد ذَلِك غضب سلار وَقَالَ لَهُ: يَا قواد يَا قِطْعَة نحس إيش أَنْت حَتَّى تكبر نَفسك واذا حضر وَاحِد يعرفنا خِيَانَتك تخرق بِهِ قدامنا أما لنا حُرْمَة عنْدك وَأمر الْحَاجِب فَضَربهُ على رَأسه إِلَى أَن خرب شاشه. وَسلمهُ إِلَى شاد الدَّوَاوِين وَأمره بمعاقبته ومعاقبة مماليكه كبك وبكتوت وَغَيره فَأخذ سَيْفه فِي آخر يَوْم من شعْبَان وَمضى بِهِ هُوَ ومماليكه وشاور عَلَيْهِ من الْغَد فَأمر بمطالبته بِالْحملِ فَأخذ فِي تَحْصِيل المَال وَلَا يمر بِهِ يَوْم إِلَّا ويخرق بِهِ عز الدّين ايبك الشجاعي شاد الدَّوَاوِين وينكل بِهِ لما كَانَ نَفسه من تكبره عَلَيْهِ ومشيه فِي ركابه هُوَ ووالى الْقَاهِرَة عِنْد قربه من دَاره. ثمَّ إِنَّه جلس بالصناعة فِي مصر واستدعاه من القلعة فَنزل رَاكِبًا حمارا وشق بِهِ أسواق مصر إِلَى الصِّنَاعَة فثار بِهِ أهل مصر يُرِيدُونَ رجمه وسبوه. ثمَّ أَعَادَهُ وَلم يزل على ذَلِك إِلَى يَوْم الْأَرْبَعَاء ثَانِي عشر رَمَضَان فاستدعى سعد الدّين مُحَمَّد بن عطايا نَاظر الْبيُوت وَاسْتقر فِي الوزارة. وَجلسَ والأمير علم الدّين سنجر الجاولي قَائِم بَين يَدَيْهِ يُؤَخر مَا يُوقع عَلَيْهِ من الأوراق وَكَانَ ابْن عطايا قبل هَذَا بِثَلَاثَة أَيَّام قد رؤى قَائِما بَين يَدي الجاولي يقْرَأ عَلَيْهِ ورقة حِسَاب. وَاسْتمرّ ابْن الشيخي إِلَى لَيْلَة عيد الْفطر وبيبرس الجاشنكير لَا يتحدث فِي أمره بشىء وَإِذا عرض عَلَيْهِ شاد الدَّوَاوِين شَيْئا من أُمُوره قَالَ لَهُ: مهما رسم نَائِب السُّلْطَان افعله. هَذَا وَقد ثقل عَلَيْهِ فِي أَمر ابْن الشيخي زَوجته بنت بهادر رَأس نوبَة وولداها جركتمر وأميرعلى وأخوهما خَلِيل وَكَانُوا من خَواص الْأَمِير بيبرس وَهُوَ يعدهم بخلاصه إِلَى أَن اجْتمع والأمراء عِنْد النَّائِب فَتحدث مَعَه فِي خلاصه فَعرفهُ مَا كَانَ مِنْهُ مَعَ السُّلْطَان على تروجة فَأمْسك عَنهُ وَقَامَ. وفيهَا توجه الْأَمِير بيبرس الجاشنكير إِلَى الْحجاز مرّة ثَانِيَة فِي أول ذِي الْقعدَة وَمَعَهُ عَلَاء الدّين ايدغدي الشمهرزوري رَسُول ملك الْمغرب والأمير بيبرس المنصوري
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute