للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقم الْخَيْر إِلَى الْقَاهِرَة فِي خَامِس عشرى شعْبَان باستيلاء الْملك النَّاصِر على دمشق بِغَيْر قتال فقلق الْملك المظفر واضطربت الدولة وَخرجت عَسَاكِر مصر شَيْئا بعد شَيْء تُرِيدُ اللحاق بِالْملكِ النَّاصِر حَتَّى لم يتَأَخَّر عِنْد الْملك المظفر بديار مصر إِلَّا خواصه وألزامه. وَلم يتَأَخَّر عِنْد الْأَمِير برلغي من الْأُمَرَاء والأجناد سوي خَواص الْملك المظفر فتشاور مَعَ جماعته فَاقْتضى رَأْيه وَرَأى الْأَمِير أقوش نَائِب الكرك اللحاق بِالْملكِ النَّاصِر أَيْضا فَلم يُوَافق على ذَلِك البرجية وَعَاد الْأَمِير أيبك الْبَغْدَادِيّ وبكتوت الفتاح وقجمار وَبَقِيَّة البرجية إِلَى الْقَاهِرَة وصاروا مَعَ الْملك المظفر. وَسَار برلغي ونائب الكرك إِلَى الْملك النَّاصِر فِيمَن بَقِي من الْأُمَرَاء والعساكر فاضطربت الْقَاهِرَة. وَكَانَ الْملك المظفر قد أَمر فِي مستهل رَمَضَان سَبْعَة وَعشْرين أَمِيرا مَا بَين طبلخاناه وعشراوات: مِنْهُم من مماليكه صنقبحي وصديق وطومان وقرمان وغرلوا وبهادر وطرنطاي المحمدي وبكتمر الساقي وقراجا الحسامي وبهادر قبجق ولاجين أيتغلي وانكبار وطاشتمر أَخُو بتخاص وَمن ألزامه جركتمر بن بهادر رَأس نوبَة وَحسن بن الردادي وشقوا الْقَاهِرَة على الْعَادة فصاحت بهم الْعَامَّة: يَا فرحة لَا تمت. أخرج المظفر أَيْضا عدَّة من المماليك إِلَى بِلَاد الصَّعِيد وَظن أَن ينشئ لَهُ دولة. فَلَمَّا بلغه مسير برلغي ونائب الكرك إِلَى الْملك النَّاصِر سقط فِي يَده وَعلم زَوَال أمره فَإِن برلغي كَانَ زوج ابْنَته وَمن خواصه بِحَيْثُ أنعم عَلَيْهِ فِي هَذِه الْحَرَكَة بنيف وَأَرْبَعين ألف دِينَار. وَقيل سبعين ألف دِينَار. وَظهر عَلَيْهِ اختلال الْحَال وَأخذ خواصه فِي تعنيفه على إبْقَاء سلار النَّائِب وَأَن جَمِيع هَذَا الْفساد مِنْهُ. وَكَانَ كَذَلِك: فَإِنَّهُ لما فَاتَتْهُ السلطنة وَقَامَ فِيهَا بيبرس حسده ودبر عَلَيْهِ وبيبرس فِي غَفلَة عَنهُ وَكَانَ سليم الْبَاطِن لَا يظنّ أَنه يخونه. وَقبض فِي لَيْلَة الْجُمُعَة ثَانِي عشره على جمَاعَة من الْعَوام وضربوا وشهروا لإعلانهم بسب الْملك المظفر فَمَا زادهم ذَلِك إِلَّا طغيانًا وَفِي كل ذَلِك تنْسب البرجية فَسَاد الْأُمُور إِلَى الْأَمِير سلار. فَلَمَّا أَكثر البرجية من الإغراء بسلار قَالَ لَهُم المظفر: إِن كَانَ فِي خاطركم شَيْء فدونكم وإياه إِذا جَاءَ إِلَى الْخدمَة وَأما أَنا فَلَا أتعرض لَهُ بِسوء قطّ فَأَجْمعُوا على قبض سلار إِذا عبر يَوْم الْإِثْنَيْنِ خَامِس عشره إِلَى الْخدمَة. فَبَلغهُ ذَلِك فَتَأَخر عَن حُضُور الْخدمَة واحترس على نَفسه وَأظْهر أَنه قد وعك فَبعث الْملك المظفر يسلم عَلَيْهِ ويستدعيه ليَأْخُذ رَأْيه فَاعْتَذر بِأَنَّهُ لَا يُطيق الْحَرَكَة لعَجزه عَنْهَا. فَلَمَّا كَانَ من الْغَد يَوْم الثُّلَاثَاء سادس عشر رَمَضَان استدعى الْملك المظفر الْأُمَرَاء كلهم واستشارهم فِيمَا يفعل. فَأَشَارَ الْأَمِير بيبرس الدودار والأمير بهادر آص بنزوله

<<  <  ج: ص:  >  >>