للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لتجهيزه. وَاشْتَدَّ حزن أمه عَلَيْهِ ووقفت على الْقبَّة مَا خصها من إِرْث الْملك الْأَشْرَف خَلِيل ورتبت عِنْد قَبره الْقُرَّاء. وفيهَا عظم شَأْن شهَاب الدّين أَحْمد بن عبَادَة وَكيل السُّلْطَان وَضرب أكَابِر العنبر بالمقارع مثل عز الدّين بن حالومة وشمس الدّين بن الْحَكِيم: وَسبب ذَلِك أَن السُّلْطَان كَانَ قد وهبه قبل توجهه إِلَى الكرك مَمْلُوكا جميل الصُّورَة فَصَارَ يشْتَمل على الْمَذْكُورين ويعاشرهم على مَا لَا يَنْبَغِي فحنق ابْن عبَادَة من ذَلِك وأوقع بهم. وَضرب ابْن عبَادَة أَيْضا شهَاب الدّين أَحْمد النويري صَاحب التَّارِيخ بالمقارع: وَذَلِكَ أَنه كَانَ استنابه فِي الْمدرسَة الناصرية والمنصورية وَغَيرهمَا وَجعله يدْخل على السُّلْطَان ويطالعه بالأمور فاغتر بذلك وَبسط القَوْل فِي ابْن عبَادَة. فَلم يعجب السُّلْطَان مِنْهُ وقيعته فِي ابْن عبَادَة وَعرف ابْن عبَادَة مَا قَالَه فِي حَقه وَسلمهُ إِلَيْهِ ومكنه مِنْهُ فَضَربهُ بالمقارع ضربا مبرحاً وصادره فَلم يشْكر النويري أَحد على مَا كَانَ مِنْهُ. وفيهَا توحش خاطر الْأَمِير بكتمر الجوكندار نَائِب السلطة بِمصْر من السُّلْطَان وَخَافَ مِنْهُ وَاتفقَ بكتمر مَعَ الْأَمِير بتخاص المنصوري على إِقَامَة الْأَمِير مظفر الدّين مُوسَى ابْن الْملك الصَّاع عَليّ بن قلاوون فِي السلطنة والاستعانة بالمظفرية وبعثوا إِلَيْهِ بذلك فوافقهم. وَشرع النَّائِب فِي استمالة الْأُمَرَاء ومواعدة المماليك المظفرية الَّذين بِخِدْمَة الْأُمَرَاء على أَن كل طَائِفَة تقبض على الْأَمِير الَّتِي هِيَ بخدمته فِي يَوْم عينه لَهُم ثمَّ يَسُوق الْجَمِيع إِلَى قبَّة النَّصْر خَارج الْقَاهِرَة وَقد نزل هُنَاكَ الْأَمِير مُوسَى. فدبروا ذَلِك حَتَّى انتظم الْأَمر وَلم يبْق إِلَّا وُقُوعه فَأَرَادَ بيبرس الجمدار أحد المظفرية الَّذين انتظموا فِي سلك هَذَا العقد أَن يتَّخذ يدا عِنْد السُّلْطَان وَعرف خوشداشيته قياتمر الخاصكي بِمَا وَقع الِاتِّفَاق عَلَيْهِ فَبلغ الْخَبَر إِلَى السُّلْطَان وَكَانَ فِي اللَّيْل فَلم يتمهل السُّلْطَان وَطلب أَمِير مُوسَى إِلَى عِنْده وَكَانَ يسكن بِالْقَاهِرَةِ فَلَمَّا نزل إِلَيْهِ الطّلب هرب. واستدعى السُّلْطَان الْأَمِير بكتمر النَّائِب وَبعث أَيْضا فِي طلب بتخاص وَكَانُوا إِذْ ذَاك يسكنون بالقلعة فَلَمَّا دخل إِلَيْهِ بكتمر أكْرمه وَأَجْلسهُ وَأخذ يحادثه حَتَّى أَتَاهُ المماليك بالأمير بتخاص فَسقط فِي يَد بكتمر وَعلم بِأَنَّهُ قد هلك فقيد بتخاص وسجن وَأقَام السُّلْطَان فِي انْتِظَار أَمِير مُوسَى فَعَاد إِلَيْهِ الجاولي ونائب الكرك وأخبراه بفراره فَاشْتَدَّ غَضَبه عَلَيْهِمَا. وَمَا طلع النَّهَار حَتَّى أحضر السُّلْطَان الْأُمَرَاء وعرفهم مَا كمان قد تقرر من إِقَامَة أَمِير مُوسَى وموافقة. بتخاص لَهُ وَلم يذكر بكتمر النَّائِب. وألزم السُّلْطَان الْأَمِير كشتغدي البهادري وَالِي الْقَاهِرَة بالنداء عَلَيْهِ وَمن أحضرهُ من الْجند فَلهُ إمرته وَإِن كَانَ من الْعَامَّة أَخذ ألف دِينَار. فَنزل كشتغدي وَمَعَهُ الْأَمِير فَخر الدّين أياز

<<  <  ج: ص:  >  >>