هُوَ وَأمين الدّين إِلَى شاد الدَّوَاوِين ورسم لمجد الدّين سَالم أَن يتَوَلَّى بيع موجودهما وَحمله إِلَى بَيت المَال فَأَقَامَ البيع نَحْو شهر. وَحمل من أَمِين الدّين نَحْو ثلاثماثة ألف دِرْهَم من ثمن الْمَبِيع وَلم يُوجد لَهُ نقد ألبته ثمَّ أفرج عَنهُ. وَأما غبريال فَإِن الخازن وَالِي الْقَاهِرَة عاقبه حَتَّى هلك بعد أُسْبُوع. وَمَا زَالَ أَمِين الدّين ملازماً لداره إِلَى يَوْم السبت تَاسِع عشرى ذِي الْحجَّة فاستدعى وأخلع عَلَيْهِ وَاسْتقر نَاظر النظار عوضا عَن الصاحب ضِيَاء الدّين النشائي وَنقل النشائي إِلَى نظر الخزانة عوضا عَن سعد الدّين الْحسن بن عبد الرَّحْمَن الأقفهسي بعد وَفَاته. وَلما اسْتَقر أَمِين الدّين فِي نظر النظار وَدخل عَلَيْهِ مجد الدّين سَالم ليهنه والمجلس غاص بِالنَّاسِ نظر أَمِين الدّين إِلَى الْحَاضِرين وَقَالَ: هَذَا القَاضِي مجد الدّين تفصل فِي حَقي. حَيْثُ كَانَ يتَوَلَّى أَمْرِي فِي بيع حواصلي وَبَاعَ حَتَّى زبادي المطبخ. فَالْتَفت إِلَيْهِ الْمجد على الْفَوْر وَكَانَ مقداماً جريئاً وَقَالَ لَهُ: يَا مَوْلَانَا أَنِّي والّه تفضلت عَلَيْك وأحسنت إِلَيْك غَايَة الْإِحْسَان وخدمتك أتم خدمَة وبعت من زبادي ونحاس وفرش بمبلغ ثَلَاثمِائَة ألف دِرْهَم وَمَا تحدثنا فِي ظُهُور دِرْهَم وَلَا دِينَار بل سكتنا وَنحن سكُوت إِلَى الْآن. فَلم يجب أَمِين الدّين سوى بقول حَسبنَا الله. وفيهَا ولى السُّلْطَان الْأَمِير بدر الدّين مُحَمَّد بن كندغدي بن الوزيري نِيَابَة دَار الْعدْل وَشد الْأَوْقَاف بِسَبَب قصَّة رفعت فِي الْأَوْقَاف. وَكَانَ ابْن الوزيري أَمينا حاد الْخلق عَارِفًا بالأمور. فباشر الْأَوْقَاف فِي دَاره يَوْم الثَّامِن من ربيع الأول. وَجلسَ ابْن الوزيري بدار الْعدْل فِي يَوْم السبت خَامِس عشرى ربيع الأول وَجلسَ الْقُضَاة الْأَرْبَعَة بَين يَدَيْهِ بدار الْعدْل وَرفعت إِلَيْهِ الْقَصَص وَصرف الْأُمُور وَطلب سَائِر مباشري الْأَوْقَاف وألزمهم بِعَمَل الْحساب مُدَّة عشْرين سنة بالأوقاف وَطلب موادع الحكم وتشدد عَلَيْهِم. فقلق الْقُضَاة من ذَلِك وسألوه الاغضاء عَن ذَلِك فتمادى فِي الطّلب وأخرق بعدة من المباشرين وضربهم لفساد حسابهم. فَقَامَ قَاضِي بدر الدّين مُحَمَّد بن جمَاعَة فِي الْعَمَل عَلَيْهِ - وَكَانَ عَارِفًا بالسعي وَله فِي ذَلِك أياد وتراتيب - وَوَافَقَ رفاقه وَصَارَ إِلَى القَاضِي كريم الدّين الْكَبِير بِنَفسِهِ وترامى عَلَيْهِ ثمَّ اجْتمع بالفخر نَاظر الْجَيْش وبعلاء الدّين كَاتب السِّرّ وبعدة من الخاصكية وَمَا زَالَ بهم حَتَّى خيلوا السُّلْطَان من ابْن الوزيري أَنه شرس الْأَخْلَاق وَله أغراض فَاسِدَة وقصده إهانة الْقُضَاة وَأهل الْعلم وَحط أقدارهم وَقد كثر الدُّعَاء على لسلطان بِسَبَبِهِ. فَلَمَّا تكاثر ذكر ذَلِك لَدَى السُّلْطَان وبلغه عدَّة حكايات عَنهُ وَمنعه من التحدث فِي الْأَوْقَاف وَمن حِينَئِذٍ بَدَت عَدَاوَة ابْن جمَاعَة لفتح الدّين مُحَمَّد بن سيد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute