للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(مُقَدّمَة الْمُؤلف)

قَالَ أَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بن أَحْمد بن طَلْحَة بن نوح بن الْأَزْهَر الأزهريّ:

الْحَمد لله ذِي الْحول وَالْقُدْرَة بكلِّ مَا حَمِد بِهِ أقربُ عبادِه إِلَيْهِ، وَأكْرم خلائقه عَلَيْهِ، وأرضى حامدِيه لَدَيْهِ، على مَا أسبغَ علينا مِن نِعمه الظَّاهِرَة والباطنة، وآتاناه من الْفَهم فِي كِتَابه الْمنزل على نبيّ الرَّحْمَة سيد الْمُرْسلين وَإِمَام المتَّقين، محمدٍ صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله الطيبين، صَلَاة زاكية نامية وأزلفَ مقَامه لَدَيْهِ؛ ووفقنا لَهُ من تِلَاوَته، وهدانا إِلَيْهِ من تدبُّر تَنْزِيله، والتفكُّر فِي آيَاته، وَالْإِيمَان بمحكمه ومتشابهه، والبحث عَن مَعَانِيه، والفحص عَن اللُّغَة الْعَرَبيَّة الَّتِي بهَا نزلَ الْكتاب، والاهتداء بِمَا شرعَ فِيهِ ودعا الخلقَ إِلَيْهِ، وأوضحَ الصراطَ المستقيمَ بِهِ؛ إِلَى مَا فضّلنا بِهِ على كثير من أهل هَذَا الْعَصْر فِي معرفَة لُغَات الْعَرَب الَّتِي بهَا نزلَ الْقُرْآن، ووردت سنَّة الْمُصْطَفى النَّبِي المرتضى.

قَالَ جلَّ ثَنَاؤُهُ: {إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (يُوسُف: ٢) ، وَقَالَ جلّ وعزّ: {وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الشُّعَرَاء: ١٩٢) {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الَاْمِينُ} (الشُّعَرَاء: ١٩٣) {عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ} (الشُّعَرَاء: ١٩٤) {بِلِسَانٍ عَرَبِىٍّ مُّبِينٍ} (الشُّعَرَاء: ١٩٥) . وخاطبَ تَعَالَى نبيَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (النّحل: ٤٤) .

قلت، والتوفيقُ من الله المجيدِ للصَّواب:

نزلَ القرآنُ الكريمُ والمخاطَبون بِهِ قومٌ عَرَب، أولو بيانٍ فاضلٍ، وفهمٍ بارع، أنزلهُ جلّ ذكره بلسانهم، وَصِيغَة كَلَامهم الَّذِي نشئوا عَلَيْهِ، وجُبِلوا على النُّطْق بِهِ، فتدَرّبوا بِهِ يعْرفُونَ وُجُوه خطابه، ويفهمون فنون نظامه، وَلَا يَحْتَاجُونَ إِلَى تعلُّم مشكله وغريب أَلْفَاظه، حاجةَ المولدين الناشئين فِيمَن لَا يعلم لسانَ الْعَرَب حَتَّى يعلَّمَه، وَلَا يفهم ضروبه وَأَمْثَاله، وطرقه وأساليبه، حتّى يفَهَّمَها.

وبيَّن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للمخاطبين من أَصْحَابه ج مَا عَسَى الحاجةُ إِلَيْهِ من معرفةِ بَيَان لمجمل الْكتاب وعامضه، ومتشابهه، وَجَمِيع وجوهه الَّتِي لَا غنى بهم وبالأمّة عَنهُ، فاستغنَوا بذلك عمّا نَحن إِلَيْهِ محتاجون، من معرفَة لُغَات الْعَرَب واختلافها والتبحُّر

ج: ص:  >  >>