لما رأيْتُ مَحْمِلَيها هَنّا
مُحَذرين كِدْتُ أَن أُجَنَّا
قَوْله: هَنّا؛ أَي: هَا هُنَا، يغلط بِهِ فِي هَذَا الْموضع. سلمةُ عَن الفرّاء قَالَ: من أمثالهم: (هَنَّا وهَنَّا عَن جمال وَعْوعَهْ) ، قَالَ هَذَا مثل، كَمَا تَقول: كلُّ شَيْءٍ وَلَا وجَعُ الرَّأْس، وكل شَيْء وَلَا سيفُ فراشةَ. قَالَ أَبُو المفضّل، وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: تَقول الْعَرَب: هَنَّا وهنَّا عَن جمال وَعْوعَهْ، يَقُول: إِذا سَلِمْتُ أَو سلم فلَان لم أكترث لغيره. قَالَ: وَالْعرب تَقول إِذا أردْت الْبعد: هَنّا وَهَا هَنّا وَها هَنَّاك. وَإِذا أردْت الْقرب، قلت: هُنَا وَهَا هُنَا، وَتقول للرجل الحبيب: هَا هُنَا وَهنا؛ أَي: اقْترب وادْنُ، وَفِي ضِدّه للبغيض: هَا هَنّا وهَنّا؛ أَي: تنحَّ بَعيدا؛ وَقَالَ الحطيئة يُخَاطب أمّه:
فها هَنّا اقعدي عني بَعيدا
أراح اللَّهُ منْكِ العالمينا
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة يذكر مفازة بعيدَة الأرجاء:
هَنّا وهَنّا وَمِنْ هَنّا لَهُنَّ بهَا
ذاتَ الشمائلِ والأيمان هَيْنُومُ
وَقَالَ شمر: أنشدنا ابْن الأعرابيّ للعجّاج:
وكانتِ الحياةُ حِين حيّت
وذِكْرُها هَنَّتْ فلاتَ هَنَّتِ
قَالَ: أَرَادَ هَنَّا وهَنَّه، فصيّره هَاء للْوَقْف، فلَان هنت؛ أَي: لَيْسَ ذَا موضِعَ ذَاك وَلَا حينَه؛ وَمِنْه قَول الْأَعْشَى:
لاتَ هَنَّا ذِكْرَى جُبَيْرَةَ أم مَنْ
جاءَ مِنها بِطَائِفِ الأَهوالِ
وَرَوَاهُ ابْن السّكيت (وَكَانَت الْحَيَاة حِين حُبَّت) يَقُول وَكَانَت الْحَيَاة حِين يُحَبّ، وذِكْرُها هَنَّت، يَقُول: وَذكر الحياةَ هُناك وَلَا هُناك؛ أَي: لِلْيأْس من الْحَيَاة. وَقَالَ: وتمدح رَجُلاً بالعطاء هَنَّا وهَنَّا وعَلى المَسْجُوح، أَي: يُعطي عَن يَمِين وشمال وعَلى المسجوح؛ أَي: على القَصْد؛ وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
ثمَّ ارتمينا بقولٍ بينَنَا دُوَلٍ
بَين الهَنَاتَيْنِ لَا جِدًّا ولَا لَعِبَا
يُرِيد؛ هُنَّ وهُنَّ، ودول مرّة مِنّي وَمرَّة مِنْها، وَتَمام تَفْسِير لات هَنَّا فِي معتل الْهَاء، لِأَن الْأَقْرَب عِنْدِي أَنه من المعتل.
نَهْ: قَالَ اللَّيْث وَغَيره: النَّهْنَهَةُ: الكفّ. تَقول: نَهْنَهْتُ فلَانا: إِذا زجرَته؛ وَأنْشد:
نَهْنِهْ دُمُوعَكَ إِنَّ مَنْ
يَغْتَرُّ بالحَدَثَانِ عَاجِز
قلت: وَالْأَقْرَب فِيهِ أَن أصل نَهْنه النَّهْيُ، فكرر على حد المضاعف. أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: النَّهْنَهُ والنَّهْلَهْ: الرَّقِيق النسج.
(بَاب الْهَاء وَالْفَاء)
(هـ ف)
هف، فه: مستعملان.
هَفّ: فِي (النَّوَادِر) : تَقول الْعَرَب: مَا أَحْسَنَ هِفَّةَ الورَق ورِقَّتَه، وَهِي إِبْرِدَتُه، وظِلٌّ هَفْهَافٌ: بَارِد. وَقَالَ اللَّيْث: الهَفِيفُ: سرعَة السّير؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
إِذا مَا نعسنا نَعْسَةً قُلْتُ: غَننا
بِخَرْقاءَ، وارْفَعْ من هَفِيفِ الرَّوَاحِلِ