قَول أَكثر النَّحْوِيين. وَفِي مُنْذُ ومُذْ لُغَات شَاذَّة، تَتَكَلَّمُ بهَا الخطِيئَةُ من أَحيَاء الْعَرَب فَلَا يُعْبَأ بهَا فإِن جُمْهُور الْعَرَب على مَا بَينته لَك، وسُئِلَ بعض النَّحْوِيين: لم خَفَضُوا بِمُنْذُ، وَرفعُوا بِمُذْ؟ فَقَالَ: لِأَن مُنْذُ كَانَت فِي الأَصْل مِنْ إذْ كَانَ كَذَا وَكَذَا، فَكَثُر استعمالهم لَهَا فِي الْكَلَام، فحذِفَتْ الْهمزَة وضَمةُ الْمِيم، وخَفَضوا بهَا على عِلَّةِ الأَصْل؛ وَأما مُذْ فَلَمَّا حَذَفوا مِنْهَا النونَ ذَهَبتْ مِنها علامةُ الْآلَة الخافِضَة وضمُّوا الْمِيم فِيهَا، ليَكُون أمتن لَهَا، وَرفعُوا بهَا مَا مَضى مَعَ سُكون الذَّال، ليُفَرِّقوا بَين مَا مضى، وَبَين مَا لم يمضِ.
قَالَ الْفراء فِي مُذْ ومُنْذُ: هما مَبْنِيَّتان مِنْ مِنْ، ومِنْ ذُو، الَّتِي بِمَعْنى الَّذِي فِي لُغَة طيىء. فإِذا خُفِضَ بهما أجريتا مُجرى مِنْ، وَإِذا رُفِعَ بهما مَا بعدهمَا أُجْرِيتا مُجرى، إِضْمَار مَا كَانَ فِي الصِّلَة كَأَنَّهُ قَالَ: من الَّذِي هُوَ يَوْمَانِ؟ .
ذ ف ب ذ ف م: أهملت وجوهها كلهَا.
(بَاب الذَّال وَالْبَاء مَعَ الْمِيم)
ذ ب م
بذم: قَالَ اللَّيْث: البَذْمُ مصدر البَذِيمِ وَهُوَ العَاقِلُ الغَضَبِ من الرجل، يَعْلَم مَا يُغْضَبُ لَهُ، يُقَال: بَذُمَ بَذَامةً، وَأنْشد فَقَالَ:
كَريمُ عُروقِ النَّبْعَتَيْن مُطَهَّرٌ
ويَغْضَبُ مِمَّا فِيهِ ذُو البَذْم يَغْضَبُ
أَبُو عُبيد: البُذْمُ الاحتمالُ لِما حُمِّل.
وَقَالَ الْأمَوِي: البُذْم: النَّفْس.
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو عُبيدة وَأَبُو زيد: البُذْم: القُوَّةُ والطَّاقَةُ، وَأنْشد:
أَنُوءَ بِرِجلٍ بهَا بُذْمُها
وأَعْيَتْ بهَا أُخْتُها الآخِرَهْ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: البَذيمُ من الأفواه المتَغَيِّرُ الرَّائِحَة. وَأنْشد:
شَمِمْتُها بِشاربٍ بَذِيمِ
قد خَمَّ أَو قد هَمَّ بالخُمُومِ
وَقَالَ غَيره: أبْذَمت النَّاقة وأَبْلَمَتْ إِذا وَرِمَ حَياؤها من شِدَّةِ الضَّبَعَةِ، وَإِنَّمَا يكون ذَلِك فِي بَكَرات الْإِبِل.
وَقَالَ الراجز:
إِذا سَما فَوْق جَمُوحٍ مِكْتامْ
من غَمْطِهِ الإِثْنَاء ذاتَ الإبْذَامْ
يَصِفُ فِيهَا فَحْل إبلٍ أُرسل فِيهَا، أرادَ أَنه يَحْتَقِرُ الإِثْنَاءَ ذاتِ البَلَمة فَيَعْلُو النَّاقة الَّتِي لَا تَشُول بِذَنَبِها وَهِي لاقِحٌ كأَنها تَكْتُم لَقاحها.
ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: البَذِيمةُ الَّذِي يَغْضَبُ فِي غير مَوضِع الْغَضَب. والبَزِيمَةُ الْمُرْسلَة مَعَ القِلادة.
انْتهى وَالله أعلم.