للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَمْرو: وَسَأَلت المبرّد عَنْهَا فروى عَن الْبَصرِيين نَحوا ممّا قَالَ ثَعْلَب وعَرَفه.

(بَاب الْعين وَالرَّاء)

عر، رع: مستعملان

عر: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَأَطْعِمُواْ الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} (الحَجّ: ٣٦) قَالَ أهل اللُّغة وَهُوَ قَول أهل التَّفْسِير القانع: الَّذِي يسْأَل. والمعترُّ: الَّذِي يُطيف بك يطْلب مَا عنْدك سَأَلَك أَو سكت عَن السُّؤَال.

وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: يُقَال عَرَوت فلَانا واعتريته، وعَررته واعتررته، إِذا أتيتَه تطلب معروفَه.

وَقَالَ: وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكمْ مِّنْهُمْ مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ} (الفَتْح: ٢٥) قَالَ شَمِر: قَالَ عبد الله بن مُحَمَّد بن هانىء: المَعَرَّة: الْجِنَايَة كجناية العَرّ، وَهُوَ الجرب. وَأنْشد:

قل للفوارسِ من غَزِيّة إنّهم

عِنْد اللِّقَاء مَعرَّةُ الأبطالِ

قَالَ: وَقَالَ ابْن شُميل: يُقَال عَرَّه بشَرَ، أَي ظَلمه وسَبَّه وأخذَ مَاله.

وَقَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن يسَار: المَعَرَّة فِي تَفْسِير الْآيَة الغُرْم. يَقُول: لَوْلَا أَن تصيبوا مِنْهُم مُؤمنا بِغَيْر علم فتغرموا ديتَه، فأمّا إثمُه فإنّه لم يَخْشَه عَلَيْهِم.

وَقَالَ شمر: المَعَرَّة: الْأَذَى. ومَعرَّة الحبيش: أَن ينزلُوا بقومٍ فيأكلوا من زُرُوعهمْ شَيْئا بِغَيْر علم، وَهُوَ الَّذِي أَرَادَهُ عمر بقوله: (اللَّهم إنّي أَبْرَأ إِلَيْك من مَعرَّة الْجَيْش) .

فأمّا قَول الله جلّ وعزّ: {مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَآءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكمْ مِّنْهُمْ مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ} (الفَتْح: ٢٥) فالمعرة الَّتِي كَانَت تصيب الْمُؤمنِينَ أَنهم لَو كبسوا أهل مكّة، وَبَين ظهرانيهم قومٌ مُؤمنُونَ لم يتميَّزوا من الْكفَّار، لم يأمنوا أَن يطؤوا الْمُؤمنِينَ بِغَيْر علم فيقتلوهم فتلزمهم دياتهم، وتلحقهم سُبَّةٌ بأنَّهم قتلوا مَن هم على دينهم إِذْ كَانُوا مختلطين بهم. يَقُول الله: لَو تميَّز الْمُؤْمِنُونَ من الْكفَّار لسلَّطناكم عَلَيْهِم وعذّبناهم عذَابا أَلِيمًا. فَهَذِهِ المعرّة الَّتِي صانَ الله الْمُؤمنِينَ عَنْهَا، وَهِي غُرم الدِّيات ومَسَبّة الكُفّار إيَّاهُم.

وَأما مَعرَّة الْجَيْش الَّتِي تبرَّأ عمر مِنْهَا، فَهِيَ وطأتهم مَن مَرُّوا بِهِ من مُسلم أَو مُعاهَد، وإصابتهم إيَّاهُم فِي حريمهم وَأَمْوَالهمْ ومزارعهم بِمَا لم يؤذَنْ لَهُم فِيهِ.

وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أنّه قَالَ: المعَرَّة الشدّة. والمعرّة: كوكبٌ فِي السَّمَاء دون المجرَّة. والمعرَّة: الدِّيَة. والمَعرَّة: قتال الْجَيْش دون إِذن الْأَمِير. والمعرّة: تلوُّن الْوَجْه من الْغَضَب.

قلت: روى أَبُو العبّاس هَذَا الْحَرْف بتَشْديد الرَّاء. فَإِن كَانَ من تمعَّر وجهُه أَي تغيّرَ فَلَا تَشْدِيد فِيهِ. وَإِن كَانَ مفعلة من العَرّ فَهِيَ مشدّدة كأخواتها.

وَفِي حَدِيث حَاطِب بن أبي بَلتَعة أنّه لمَّا كتب إِلَى أهل مَكَّة كتابَه يُنذرهم أمْرَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أطلعَ الله عزّ وجلّ رسولَه على الْكتاب، فَلَمَّا عُوتِب حاطبٌ فِيمَا كتب قَالَ: (كنتُ رجلا عريراً فِي أهل مَكَّة،

<<  <  ج: ص:  >  >>