طرفَة:
نحنُ فِي المَشْتَاةِ نَدْعُو الجَفَلَى
لَا تَرَى الآدِبَ فِينَا يَنْتَقِرْ
وَقَالَ عديّ بنُ زيد:
زَجِل وبلُه يُجاوِبه دفأٌ
لخون مأدوبَة وزمير
فالمأْدُوبَة الَّتِي قد صُنِع لَهَا الصَّنِيع.
قَالَ أَبُو عبيد: وَتَأْويل الحَدِيث أَنه شبَّه الْقُرْآن بِصَنِيعٍ صَنَعه اللَّهُ للنَّاس لَهُم فِيهِ خيرٌ ومنافعُ ثمَّ دعاهم إِلَيْهِ، قَالَ: وَمن قَالَ: مأْدَبَةً جَعَله مَفْعَلَةً من الأدَب وَكَانَ الْأَحْمَر يجعلهما لُغَتَيْن: مأدُبة ومأدَبة بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ أَبُو عبيد: وَلم أسمع أحدا يَقُول هَذَا غَيره، والتفسيرُ الأوّل أعجبُ إليّ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: آدَبْتُ أُودبُ إيداباً، وأَدبْتُ آدبُ أَدْباً.
قلت: والأدَبُ الَّذِي يَتَأَدبُ بِهِ الأديبُ من النَّاس، سمي أَدَباً لِأَنَّهُ يأْدِب الناسَ الَّذين يتعلمونه إِلَى المحامِد وينهاهم عَن المقابح يَأْدبهم أَي يَدعُوهُم، وأصل الأدْب الدّعاء، وَقيل للصَّنيع يُدْعَى إِلَيْهِ النَّاس: مَدعاةٌ ومأْدَبة، وَيُقَال للبعير إِذا رِيض وذُلِّلَ: أديبٌ مُؤَدب. وَقَالَ مُزَاحم الْعقيلِيّ:
وهُنَّ يُصَرِّفْن النَّوَى بَين عالِجٍ
ونَجْرَانَ تَصْرِيفَ الأدِيبِ المُذَلَّلِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو يُقَال: جَاشَ أَدَبُ الْبَحْر، وَهُوَ كَثْرَة مَائه وَأنْشد:
عَن ثَبَجِ الْبَحْر يَجِيشُ أَدَبُه
وَقَالَ أَبُو زيد: أَدُبَ الرجل يَأْدُبُ أَدَباً فَهُوَ أَديب وأَدِبٌ، وأَرُبَ يَأْرُبُ إِرْبةً وأَرَباً فِي العَقْلِ فَهُوَ أَرِيبٌ.
انْتهى وَالله تَعَالَى أعلم.
(بَاب الدّال وَالْمِيم)
د م (وايء)
أَدَم، دوم، ديم، دمى، أمد، وَمد، مأد، دأَم.
دوم ديم: قَالَ اللَّيْث: دَامَ الشيءُ يَدُوم دَوْماً، والدِّيمةُ مَطَرٌ يَدُوم يَوْمًا وَلَيْلَة أَو أَكثر.
وَفِي حَدِيث عَائِشَة: أَنَّهَا سُئِلتْ هَل كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُفَضِّلُ بعض الْأَيَّام على بعض فَقَالَت: كَانَ عَمَلهُ دِيمَةً.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيّ وَغَيره: أصل الدِّيمَةِ المطرُ الدَّائمُ مَعَ سُكُون.
قَالَ أَبُو عبيدُ: فَشَبَّهَتْ عائشةُ عملَه فِي دوامِه مَعَ الاقتصاد بِدِيمةِ الْمَطَر.
قَالَ: ويُرْوَى عَن حُذيفة أَنه ذكر الفِتَن فَقَالَ: إِنَّهَا لَتَأْتِيَنَّكُم دَيماً ديماً يعْنِي أَنَّهَا تَملأ الأَرْض مَعَ دوَام وَأنْشد:
ديمةٌ هَطْلَاءُ فِيهَا وَطَف
طَبَّق الأرضَ تَحَرَّى وتَدُر
وَجمع الدِّيمة دِيَم.