سَبْحَاً طَوِيلاً} (المُزمّل: ٧) .
قَالَ اللَّيْث: مَعْنَاهُ فراغاً للنوم.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو الدُّقَيْش: وَيكون السَّبْحُ أَيْضا فراغاً بِاللَّيْلِ.
وَقَالَ الفرَّاء: يَقُول لَك فِي النَّهَار. مَا تقضي حوائجك.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: سَبْحاً طوِيلاً، قَالَ فَرَاغاً وتَصَرُّفاً، وَمن قَرَأَ سَبْخاً فَهُوَ قَرِيبٌ من السَّبْح.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: من قَرَأَ سَبْحاً فَمَعْنَاه اضطراباً ومعاشاً. وَمن قَرَأَ: سَبْخاً أَرَادَ رَاحَة وتخفيفاً للأبدان.
وَقَالَ ابْن الفَرَج: سمِعتُ أَبَا الجهم الجَعْفَرِي يَقُول: سَبَحْتُ فِي الأَرْض وسبَخْتُ فِيهَا إِذا تَبَاعَدت فِيهَا. قَالَ: وَسبح اليَرْبُوعُ فِي الأَرْض إِذا حفر فِيهَا، وسَبَحَ فِي الْكَلَام إِذا أكثرَ فِيهِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: سَبْحاً طَويلا أَي مُنْقَلَباً طَويلا.
وَقَالَ اللَّيْث: سُبْحَانَ الله: تَنْزِيه لله عَن كل مَا لَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يُوصف بِهِ.
قَالَ: ونَصْبُه أَنه فِي مَوضِع فعل على معنى تَسْبِيحاً لَهُ، تَقول: سَبَّحْتُ الله تسبيحاً أَي نَزّهْتُه تَنْزِيها. وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَقَالَ الزّجاج فِي قَول الله جَلّ وعزّ: {ُ سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً} (الإسرَاء: ١) مَنْصُوب على الْمصدر، أسبِّح الله تَسبيحاً.
قَالَ: وسُبحَان فِي اللُّغَة: تنْزِيه لله عَزّ وجَلّ عَن السوء. قلت: وَهَذَا قَول سِيبَوَيْهٍ، يُقَال: سَبّحْت الله تسبيحاً وسُبْحَاناً بِمَعْنى وَاحِد، فالمصدر تَسْبِيح، والإسم سُبْحَانَ يقوم مقَام الْمصدر.
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَقَالَ أَبُو الخَطّاب الْكَبِير: سُبْحانَ الله كَقَوْلِك: بَرَاءَة الله من السوء، كَأَنَّهُ قَالَ: أُبَرِّىء الله من السوء. وَمثله قَول الأعْشَى:
سُبْحَانَ مِنْ عَلْقَمَةَ الْفَاخِر
أَي بَرَاءَة مِنْهُ.
قلت: وَمعنى تَنْزِيه الله من السُّوء: تَبْعِيدُه مِنْهُ، وَكَذَلِكَ تسبيحه تبعيده، من قَوْلك: سَبَحْتُ فِي الأَرْض إِذا أَبْعَدْتَ فِيهَا، وَمِنْه قَوْله جَلَّ وعَزَّ: {سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِى} (يس: ٤٠) ، وَكَذَلِكَ قَوْله: {نَشْطاً وَالسَّابِحَاتِ سَبْحاً} (النَّازعَات: ٣) هِيَ النُّجُوم تَسْبَحُ فِي الفَلَكِ أَي تذهَبُ فِيهَا بَسْطاً كَمَا يَسْبَحُ السابح فِي المَاء سَبْحاً، وَكَذَلِكَ السابحُ من الخَيْل يَمُدُّ يَدَيه فِي الجَرْي سَبْحاً كَمَا يسبح السابح فِي المَاء وَقَالَ الأعْشَى:
كم فيهم من شَطْبَهٍ خَيْفَقٍ
وسَابِحٍ ذِي مَيْعَةٍ ضَامِر
وَقَالَ اللَّيْث: النُّجُوم تسْبَح فِي الْفلك إِذا جَرَت فِي دورانه.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل فِيمَا رَوَى عَنهُ أَبُو دَاوُد المَصَاحِفي: رَأَيْت فِي الْمَنَام كأنّ إنْسَانا فَسّر لي سُبْحَانَ الله فَقَالَ: أما ترى الْفرس يَسْبَحُ فِي سرعته، وَقَالَ: سُبْحَان الله: السُّرْعَة إِلَيْهِ.
قلت: والقولُ هُوَ الأوّلُ، وجِمَاعُ مَعْناه بُعْدُه تبَارك وَتَعَالَى عَن أَن يكون لَهُ مِثْلٌ أَو