للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كلِّ سوءٍ، والقُدُّوسُ: الْمُبَارك، وَقيل: الطَّاهرُ، قَالَ: وَلَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب بِنَاء على فُعُّول بِضَم أَوله غير هذَيْن الإسمين الجليلين وحرف آخر وَهُوَ قَوْلهم للذّرِّيحِ وَهِي دُوَيْبَّةٌ ذُرُّوح، وَسَائِر الْأَسْمَاء تَجِيء على فَعُّول مثل: سَفُّود وقَفُّود وقَبُّور وَمَا أشبههَا.

وَيُقَال لهَذِهِ الخَرَزات الَّتِي يَعُدُّ بهَا المُسَبِّحُ تَسْبِيحَه السُّبْحَة وَهِي كلمة مولدة.

أَبُو عُبَيد عَن أَصْحَابه: السَّبْحَة بِفَتْح السِّين وَجَمعهَا سِبَاحٌ: ثِيَاب من جُلُود.

وَقَالَ مالكُ بن خَالِد الهذليّ:

إِذا عادَ المسَارِحُ كالسِّبَاح

قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: كِسَاءٌ مُسبَّح بِالْبَاء أَي قوي شَدِيد. قَالَ: والمُشَبَّح بِالْبَاء أَيْضا والشين: المُعَرَّض.

وَقَالَ شمر: السَّباحُ بِالْحَاء: قُمُصٌ للصبيان من جُلُود. وَأنْشد:

كَأَن زَوَائِدَ المُهُرَاتِ مِنْهَا

جَوارِي الهِندِ مُرْخِيةَ السِّبَاحِ

وَأما السُّبْجَةُ بِضَم السِّين وَالْجِيم فكِساءٌ أسود.

وَقَالَ ابْن عَرَفَة المُلَقَّب بِنِفْطَوَيْه فِي قَول الله: {لِّلْمُقْوِينَ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} (الواقِعَة: ٧٤) أَي سبِّحه بأسمائه ونزِّهه عَن التَّسمِيَة بغيْرِ مَا سَمّى بِهِ نَفسه.

قَالَ: ومَنْ سَمّى الله بِغَيْر مَا سَمّى بِهِ نَفسه فَهُوَ مُلْحِد فِي أَسْمَائِهِ، وكلّ من دَعَاهُ بأسمائه فمسبِّح لَهُ بهَا إذْ كَانَت أسماؤه مدائحَ لَهُ وأوْصافاً.

قَالَ الله جلّ وعزّ: {ُوَللَّهِ الأَسْمَآءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} ِ (الأعرَاف: ١٨٠) وَهِي صِفَاته الَّتِي وصف بهَا نَفسه، فَكل من دَعَا الله بأسمائه فقد أطاعه ومدحه ولَحِقَه ثوابُه.

وروى الْأَعْمَش عَن أبي وَائِل عَن عبد الله قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا أَحَدٌ أَغْيَرَ من الله، وَلذَلِك حَرَّم الفواحِشَ وَلَيْسَ أحدٌ أحَبّ إِلَيْهِ المدحُ من الله.

حبس: قَالَ اللَّيْث: الحبْسُ والمَحْبِسُ: موضعان للمَحبوسِ. قَالَ: والمَحْبِسُ يكون سِجْناً وَيكون فعلا كالحَبْسِ. قلت: المَحبَسُ: مصدر، والمحبِسُ: اسْم للموضع.

قَالَ اللَّيْث: والحَبِيسُ: الفرسُ يُجْعَلُ حَبِيساً فِي الله سَبِيل يُغْزَى عَلَيْه.

قلت: والحُبُسُ جمع الحَبِيس، يَقع على كل شَيْء وقفَه صاحبِه وَقفا مُحَرَّماً لَا يُورَثُ وَلَا يُباع من أَرض ونخل وكَرْم ومُسْتَغَلّ يُحَبَّسُ أصلُه وَقفا مُؤبّداً وتُسَبَّلُ ثَمَرَتُه تَقَرُّبا إِلَى الله كَمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعُمَر فِي نَخْلٍ لَهُ أَرَادَ أَن يتقرّب بِصَدَقَتِهِ إِلَى الله جلّ وعزّ، فَقَالَ لَهُ: (حَبِّس الأصلَ وسَبِّل الثّمَرَة) ، وَمعنى تَحْبِيسه: ألاّ يُورَثَ وَلَا يُبَاعَ وَلَا يُوهَبَ، وَلَكِن يُترَكُ أصلُه ويُجْعَلُ ثمرُه فِي سُبُل الْخَيْر.

وَأما مَا رُوِي عَن شُرَيْح أَنه قَالَ: جَاءَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِإِطْلَاق الحُبُسِ، فَإِنَّمَا أَرَادَ بهَا الحُبُسَ الَّتِي كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يَحْبِسُونها من السوائب والبَحَائِر والحام وَمَا أشبههَا، فَنزل الْقُرْآن بإحْلال مَا كَانُوا يُحرِّمون مِنْهَا وَإِطْلَاق مَا حَبَّسُوا بِغَيْر أَمر الله مِنْهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>