للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنْهُ لُغَتَانِ تَقول: حَزَنَني يَحْزُنُنِي حُزْناً فَأَنا محزون، وَيَقُولُونَ: أحزَنَني فَأَنا مُحْزَن وَهُوَ مُحْزِن، وَيَقُولُونَ: صوتٌ مُحْزِن، وأَمْرٌ مُحْزِن، وَلَا يَقُولُونَ: صَوت حَازِنٌ.

وَقَالَ غَيره: اللُّغَة الْعَالِيَة حَزَنَه يَحْزُنُه، وَأكْثر القُرَّاء قرأوا: {جُندٌ مٌّ حْضَرُونَ فَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا} (يس: ٧٦) وَكَذَلِكَ قَوْله: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِى يَقُولُونَ} (الأنعَام: ٣٣) ، وَأما الْفِعْل اللَّازِم فَإِنَّهُ يُقَال فِيهِ: حَزِنَ يَحْزَنُ حَزَناً لَا غير.

أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: لَا يَقُولُونَ: قَدْ حَزَنَه الأَمْرُ، وَيَقُولُونَ: يَحْزُنُه، فَإِذا قَالُوا أَفْعَلَه الله فَهُوَ بِالْألف.

وَفِي حَدِيث ابْن عمر حِين ذكر الغَزْوَ ومنْ يَغْزُو ولَا نِيَّةَ لهُ: (إنَّ الشيطَانَ يُحَزِّنُه) .

قَالَ شمر: مَعْنَاهُ أَنه يوسوس إِلَيْهِ وَيَقُول لَهُ: لِمَ تَرَكْتَ أَهْلَكَ ومالَكَ ويُنَدِّمُه حَتّى يُحَزِّنَه.

وَقَالَ اللَّيْث: الحَزْنُ من الدَّوَاب وَالْأَرْض: مَا فِيهِ خُشُونَة، والأُنْثَى حَزْنة، وَالْفِعْل حَزُنَ يَحْزُنُ حُزُونة.

قلت: وَفِي بِلَاد الْعَرَب حَزْنان: أَحدهمَا: حَزْنُ بني يَرْبُوع، وَهُوَ مَرْبعٌ من مَرَابع الْعَرَب فِيهِ رِياضٌ وقِيعان، وَكَانَت الْعَرَب تَقول: مَن تَرَبَّعَ الحَزْنَ وتَشَتَّى الصَّمَّانَ وتَقَيَّظَ الشَّرَفَ فقَدْ أَخْصَبَ، والحَزْنُ الآخَرُ: مَا بَيْنَ زُبَالَةَ فَمَا فَوق ذَلِك مُصْعِداً فِي بِلَاد نجد، وَفِيه غِلَظٌ وارتفاع.

قَالَ ذَلِك أَبُو عُبَيد، وَكَانَ أَبُو عَمْرو يَقُول: الْحَزنُ والحَزْمُ: الغَليظُ من الأَرْض.

وَقَالَ غَيره: الحَزْمُ من الأَرْض: مَا احْتَزَم من السَّيْلِ من نَجَوَاتِ المتُونِ والظهور، والجميع الحُزُومُ، والْحزنُ: مَا غَلُظَ من الأَرْض فِي ارْتِفَاع.

قلت: وَأَنا مُفَسِّرٌ الحَزْمَ من أَسْمَاء البِلَاد فِي بَابهَا إِن شَاءَ الله.

وَقَالَ ابْن شُمَيْل: أوَّلُ حُزُونِ الأَرْض قِفَافُها وجِبَالها وقَوَاقِيها وخَشِنُها ورَضْمُها، وَلَا تُعَدُّ أرضٌ طَيِّبَةٌ وَإِن جَلُدَتْ حَزْناً، وَجَمعهَا حُزُونٌ. قَالَ: وَيُقَال: حَزْنَةٌ وَحَزْنٌ. وَقد أَحْزَن الرَّجُلُ إِذا صَارَ فِي الحَزْنِ.

قَالَ: وَيُقَال للحَزْنِ حُزُنٌ لُغَتَانِ، وَأنْشد قَول ابْن مُقْبِل:

مَرَابِعُهُ الحُمْرُ من صَاحَةٍ

ومُصْطَافُهُ فِي الوُعُولِ الحُزُن

قلت: الحُزُن جَمْعُ حَزْنٍ

وَقَالَ اللَّيْث: يَقُول الرجل لصاحِبِه: كَيْفَ حَشَمُك وحُزَانَتُك أَي كَيْفَ مَنْ تَتَحَزَّنُ بأَمْرِهم.

قَالَ: وتُسَمّى سَفَنْجَقَانِيّةُ الْعَرَب على الْعَجم فِي أول قُدُومهم الَّذِي استحقُّوا بِهِ من الدّور والضِّيَاع مَا اسْتَحَقُّوا حُزَانة.

قَالَ الأزْهَرِي: السَّفَنْجَقَانِيَّةُ: شَرْط كَانَ للْعَرَب على الْعَجم بخُراسان إِذا افْتَتَحُوا بَلَداً صُلْحاً أَن يَكُونُوا إِذا مَرَّ بهم الجُيُوشُ أَفْذَاذاً أَو جَمَاعات أَن يُنْزِلُوهم ويَقْرُوهُم ثمَّ يُزَوِّدُوهم إِلَى نَاحيَة أُخْرَى.

أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: الحُزَانَةُ: عِيَال الرجل الَّذين يَتَحَزَّنُ لَهُم وبأَمْرِهم، قلت:

<<  <  ج: ص:  >  >>