للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فجَاء باللُّغَتَيْن مَعًا، وَقَالَ: لَحْدُ كلِّ شيءٍ: حَرْفُه ونَاحِيتُه، وَقَالَ:

قَلْتَانِ فِي لَحْدَيْ صَفاً مَنْقُور

وركِيَّةٌ لَحُودٌ: زوْرَاءُ أَيْ مُخَالِفَةٌ عَن القَصْدِ.

وَقَالَ الزَّجَاجُ فِي قَوْله: {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ} (الحَجّ: ٢٥) قيل الإلْحَادُ فِيهِ الشِّرْكُ بِاللَّه، وَقيل: كلُّ ظالمٍ فِيهِ مُلْحِدٌ، وَجَاء عَن عُمَر أَنَّ احتكار الطَّعام بِمَكَّة إلْحادٌ، وَقَالَ بعض أَهْلُ اللُّغَة: معنى الْبَاء الطَّرْح، الْمَعْنى وَمن يُرِدْ فِيهِ إلحاداً بِظُلم، وأَنْشَدُوا:

هُنَّ الحرائرُ لَا رَبَّاتُ أَخْمِرَةٍ

سُودُ المحاجِر لَا يقْرَأْنَ بالسُّوَرِ

الْمَعْنى عِنْدهم لَا يقرأْنَ السُّوَرَ، قَالَ: وَمعنى الإلْحَاد فِي اللُّغة: المَيْلُ عَن القَصْدِ. وَقَالَ الليثُ: أَلْحَدَ فِي الحَرَمِ إِذا تَرَكَ القَصْدَ فِيمَا أُمر بِهِ وَمَال إِلَى الظُّلْم. وأَنْشَد:

لما رَأَى المُلْحِدُ حينَ أَلْحَما

صَوَاعِقَ الحجَّاج يَمْطُرْنَ دَمَا

قَالَ: وحَدثني شَيْخٌ مِنْ بني شَيْبَةَ فِي مَسْجِد مَكَّة قَالَ: إِنِّي لأذكر حينَ نُصِبَ المنْجَنِيقُ على أبي قُبَيْس، وَابْن الزُّبَيْر قد تَحَصَّنَ فِي هَذَا الْبَيْت، فَجعل يَرْميه بالحِجارَة والنيران، فاشتعلت النَّارُ فِي أَسْتَار الكَعْبَةِ حَتَّى أَسْرَعَتْ فِيهَا، فَجَاءَت سَحابَةٌ من نَحْو الجُدَّةِ فِيهَا رَعْدٌ وبَرْقٌ مُرْتَفعَة كَأَنَّهَا مُلَاءهٌ حَتَّى اسْتَوَتْ فَوق الْبَيْت فمطرَتْ فَمَا جاوَزَ مطرُها البَيْتَ ومواضع الطَّوَافِ حَتَّى أطفَأَتِ النّار وسال المِرْزَابُ فِي الحِجْرِ، ثمَّ عَدَلَتْ إِلَى أبي قُبَيْس فرمت بالصَّاعقة فأَحْرَقت المنْجَنِيقَ وَمَا فِيهَا، قَالَ: فحدَّثتُ بِهَذَا الحَدِيث بالبَصْرَة قَوْماً، وَفِيهِمْ رَجُلٌ من أهل وَاسِط، وَهُوَ ابْن سُلَيْمَان الطَّيَّار شَعْوَذِيُّ الحجَّاج، فَقَالَ الرَّجلُ: سمعتُ أبي يحدِّثُ بِهَذَا الحَدِيث، وَقَالَ لمَّا أُحْرِقت المنْجَنيقُ أمْسَكَ الحجَّاجُ عَن القِتَالِ، وَكتب إِلَى عبد الْملك بذلك، فَكتب إِلَيْهِ عبد الملِك: أما بعد، فإنَّ بني إسْرَائيل إِذا قَرَّبُوا لله قُرْبَاناً فَتَقَبَّله منْهُم بعث نَارا من السَّمَاء فأَكلَتْه، وإنَّ الله قَدْ رَضِي عَمَلك، وتَقَبَّل قُرْبَانك، فجِدَّ فِي أَمرك والسَّلَام.

قَالَ شمر: روى أَبُو عَمْرو الشَّيْبَانِيّ لأمية بن أبي الصَّلْت: إعلم بِأَن الله لَيْسَ كصُنْعِه صُنْعٌ، وَلَا يخفى عَلَيْهِ الملحد أَي الْمُشرك. وروى السُّدِّيّ عَن مُرّة عَن عبد الله: لَو هَمّ العَبْد بِسَيِّئَة، ثمَّ لم يعملها لم تكْتب عَلَيْهِ، وَلَو همّ بقتل رجل، وَهُوَ بِعَدَنَ أَبْيَنَ، وَهُوَ عِنْد الْبَيْت لأذاقه الله الْعَذَاب الْأَلِيم، ثمَّ تَلا الْآيَة.

يقالُ: مَا عَلَى وَجْه فُلَانٍ لُحادَةُ لحم وَلَا مُزْعَةُ لحم أَي مَا عَلَيْهِ شيءٌ من اللَّحْم لِهُزالِه.

وَقَالَ الفَرَّاءُ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً إِلَاّ بَلَاغاً مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَن يَعْصِ} (الْجِنّ: ٢٢، ٢٣) أَي ملْجأ وَلَا سَرَباً ألجأُ إِلَيْهِ.

أَبُو عُبَيد عَن الأَحمر. لحَدْتُ: جُرْتُ ومِلتُ. وألْحَدْتُ: مارَيتُ وَجَادَلْتُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>