للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: وَيُقَال: إِذا سَقَيْتَ فاحْنِذْ يَعني أخْفِسْ، يُرِيدُ أقِلَّ المَاء وأَكثِر النَّبِيذ. قَالَ: وأَعْرَق فِي مَعْنى أَخْفَسَ.

وأَخبرني المُنْذري عَن أبي الهيْثَم أَنّه أَنكرَ مَا قَالَه الفرَّاء فِي الإحنْاذِ أنّه بمعْنى أخْفسَ وأعْرَقَ وعَرَفَ الإخفاس والإعْرَاقَ.

وَقَالَ أَبُو عمر: قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: شَرَابٌ مُحْنَذٌ ومُخْفَسٌ ومُمْذًى ومُمْهًى إِذا أُكثِرَ مِزَاجُه بِالْمَاءِ، وَهَذَا ضِدُّ مَا قَالَه الفرَّاء.

وَقَالَ أَبُو الهيْثَم: أصلُ الحَنِيذِ من حِناذ الخيْل إِذا ضُمِّرَتْ. وحِناذها أَن يُظاهَرَ عليهَا جُلٌّ فَوق جُلَ حَتَّى تُجلَّلَ بأَجلَالٍ خمسةٍ أَو سِتَّة ليَعْرَقَ الفرسُ تحْتَ تِلْكَ الْجِلَالِ ويُخْرِجَ العَرَقُ شحمَه كيلَا يتنفس تنفُّساً شَدِيدا إِذا أُجرى. قَالَ: والشِّوَاءُ المحنوذُ الَّذِي قد أَلْقيت فَوْقه الحجارَةَ المَرْضُوفَةَ بالنَّار حَتَّى يَنْشَوى انْشِواءً شَدِيدا فَيتهَرَّى تحتهَا.

وَيُقَال: حنَذْنا الفرسَ نحنِذُه حَنْذاً وحِناذاً أَي ظاهَرنا عَلَيْهِ الجِلَالَ حَتَّى يعرق تَحْتَها.

وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: الحَنِيذُ: الشِّوَاءُ الَّذِي لم يُبَالَغْ فِي نُضْجه، قَالَ: وَيُقَال: هُوَ الشِّوَاءُ المَغْمُومُ. وَقَالَ شمر: الحنيذ من الشواء: الْحَار الَّذِي يقطر مَاؤُهُ وَقد شُوِي، وروى عَن شَمِر ابْن عَطِيَّة أَنه قَالَ فِي قَوْله: {جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} (هود: ٦٩) هُوَ الَّذِي يَقْطُر مَاؤُه وَقد شُوِي وَهَذَا أَحْسنُ مَا قيل فِيهِ.

وَقَالَ شمر: الحَنِيذُ: الماءُ السُّخْنُ. وأَنْشَد لِابْنِ مَيَّادَةَ:

إِذا بَاكَرَتْه بالْحَنِيذ غَوَاسِلُهُ

قَالَ شمر: الحَنِيذُ من الشِّوَاءِ: النَّضِيجُ وَهُوَ أَن تَدُسَّه فِي النَّار وَقد حَنَذَه يَحْنِذُه حَنْذاً وَيُقَال: أَحْنِذِ اللَّحْمَ أَي أنضجه.

قلت: وَقَدْ رأيتُ بوادي السِّتَارَيْن من ديار بني سَعْد عَيْنَ مَاء عَلَيْهِ نَخْلٌ زَيْنٌ عامِرٌ وقُصُورٌ من قُصُورِ مياه الْعَرَب يُقَال لذَلِك المَاء: حَنِيذ، وَكَانَ نَشِيلُه حارّاً فَإِذا حُقِنَ فِي السِّقَاء وعُلِّق فِي الْهَوَاء حَتَّى تَضْرِبَه الرِّيحُ عَذُبَ وطابَ.

وَفِي أَعْرَاضِ مَدِينَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرْيَةٌ فِيهَا نَخْلٌ كثير يقالُ لَهَا: حَنَذ. وأَنْشَدَ ابْنُ السِّكِّيت لبَعض الرُّجازِ يصفُ النَّخْلَ وَأَنه بحذاء حَنَذ ويُتَأَبَّرُ مِنْهُ دون أَن يُؤْبَر فَقَالَ:

تَأبَّرِي من حَنَذٍ فَشُولي

تَأَبَّرِي يَا خَيْرَةَ الفَسِيلِ

إذْ ضَنَّ أَهْلُ النَّخْلِ بالْفُحُولِ

وَمعنى تَأَبري أَي تلقَّحي وَإِن لم تُؤَبَّري برائحة حِرْق فحاحيل حَنَذ: وَذَلِكَ أَنَّ النَّخْلَ إِذا كَانَ بحذاء حائِطٍ فِيهِ فُحّالٌ مِمَّا يَلِي مَهَبَّ الجنوبِ فَأَنَّهَا تَتَأَبَّرُ برَوَائحها وَإِن لم تُؤَبَّرْ، وَقَوله: فَشُولي، شبَّهها بالنَّاقَةِ الَّتِي تَلْقَح فَتَشُولُ ذَنَبها أَي ترفَعُه.

حذن: أَبُو عُبَيْد عَن الأَحْمَرِ: الحُذُنَّتَانِ: الأذُنَانِ. قلت: والواحدة حُذُنَّةٌ وحُذْنُ الرَّجُلِ وحُذْلُه: حجزته.

والْحَوْذَانَةُ: بَقْلةٌ من بُقُولِ الرِّياضِ رَأَيتُها فِي رياض الصَّمَّان وقِيعَانها، وَلها نَوْرٌ أصفرُ رائحتُه طيِّبَةٌ وتجمعُ الحوذَان.

<<  <  ج: ص:  >  >>