(إِذَا ابْتَلَّت النعَالُ فَالصَّلَاة فِي الرحَالِ) . وَقد مرّ تفسيرُه فِي كتاب الْعين.
وَيُقَال: إِن فلَانا يَرْحَلُ فُلاناً بِمَا يكره، أَي يَركَبُه.
وَيُقَال: رحَلْتُ الْبَعِير أَرْحَلُه رَحْلاً: إِذا شَدَدْتَ عَلَيْهِ الرَّحْلَ.
وَيُقَال: رحَلْتُ فلَانا بسيْفِي أَرْحَلُه رَحْلاً: إِذا علوتُهُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَرْحَلَ الرجلُ البَعِيرَ، وَهُوَ رَجُلٌ مُرْحِلٌ. وَذَلِكَ إِذا أَخَذَ بَعِيرًا صَعْباً فَجعله رَاحِلَةً. وَفِي الحَدِيث عِنْد اقتراب السَّاعَة (تخرج نَار من قصر عدن تُرَحل النَّاس) رَوَاهُ شُعْبَة قَالَ: وَمعنى تُرَحّل أَي تَنْزِل مَعَهم إِذا نَزَلوا وتَقِيلُ إِذا قَالُوا. جَاءَ بِهِ مُتَّصِلا بِالْحَدِيثِ قَالَ شَمِر: وَقيل معنى ترحلهم أَي تُنْزلُهم المَرَاحِلَ. قَالَ: والترحِيلُ والإرْحَال بِمَعْنى الإشْخَاصِ والإزعَاجِ يُقَال: رَحَلَ الرجلُ إِذا سَار وأَرْحَلْتُه أَنا.
والمرحلة: المنْزِلُ يُرْتَحَلُ مِنْها. وَمَا بَيْنَ المنْزِلَين مَرْحَلَةٌ.
وَرجل رَحُولٌ، وَقوم رُحُلٌ: أَي يرتحلون كثيرا، وجمل رَحِيلٌ وناقة رَحيلَةٌ بِمَعْنى النجِيبِ والظهيرِ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الرَّحُول من الإبلِ الَّذِي يصلُح لِأَن يُرْحلَ. وبَعِيرٌ ذُو رُحلَةٍ: إِذا كَانَ قويًّا على أَن يُرْحلَ. والرَّاحُولُ: الرَّحْلُ، وَفِي حَدِيث الْجَعْدِي: أَنَّ ابنَ الزُّبَيْرِ أَمَرَ لَهُ بِرَاحِلَةٍ رَحيلٍ. قَالَ الْمبرد: راحِلَةٌ رَحِيلٌ أَي قويٌّ على الرحْلَةِ، كَمَا يُقال: فَحْلٌ فَحِيلٌ: ذُو فِحْلَة.
وَرُوِيَ عَن النّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (تَجِدُونَ الناسَ كإبلٍ مائَةٍ لَيْسَ فِيهَا راحلةٌ) قَالَ ابْن قُتَيْبَةَ: الرَّاحِلَةُ هِيَ الناقةُ يختارُهَا الرَّجُلُ لمَرْكَبِه ورَحْلِه على النجابَةِ وتَمَامِ الخَلْق وحُسْنِ المَنْظَرِ، وَإِذا كَانَت فِي جَماعةِ الْإِبِل تبيَّنَتْ وعُرِفَتْ. يقولُ: فالناسُ مُتساوون، لَيْسَ لأَحَدٍ مِنْهُم على أَحَد فضلٌ فِي النَّسَب، وَلَكنهُمْ أشْبَاهٌ كإبلٍ مائَةٍ لَيست فِيهَا راحِلَةٌ تَتَبَيَّنُ فِيهَا وتَتَمَيَّزُ مِنْهَا بالتَّمَامِ وحُسْنِ المَنْظَرِ.
قلت: غَلِطَ ابنُ قُتيْبَةَ فِي شَيْئَيْنِ: فِي تَفْسِير هَذَا الحَدِيث، أحَدُهما أَنَّهُ جعَل الراحلَةَ النَّاقَةَ، وَلَيْسَ الجملُ عِنْده رَاحِلَة. والراحلةُ عِنْد العربِ كلُّ بعيرٍ نجيبٍ جوادٍ سواءٌ كَانَ ذكرا أَو أُنْثى، وَلَيْسَت الناقةُ أَوْلَى باسْمِ الراحلةِ من الجملِ، تَقول العربُ للجمَلِ إِذا كَانَ نجيباً: راحلةٌ وَجمعه رواحلُ، وَدخُول الْهَاء فِي الراحلةِ للْمُبَالَغَة فِي الصفَةِ، كَمَا يُقالُ: رَجلٌ داهيةٌ وباقِعَةٌ وعَلَاّمَةٌ. وَقيل: إنَّها سُميَتْ راحلَةً لِأَنَّهَا تُرْحَلُ، كَمَا قَالَ الله {فَهُوَ فِى عِيشَةٍ} (الحاقة: ٢١) أَي مَرْضِيَّةٍ، و {خُلِقَ خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ} (الطّارق: ٦) أَي مَدْفُوق. وَقيل: سُميَتْ رَاحِلَةً لِأَنَّهَا ذاتُ رَحْل، وَكَذَلِكَ عيشة راضيةٌ: ذاتُ رضى. وَمَاء دافِقٌ ذُو دَفْق.
وَأما قَوْله: إِن النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرَادَ أَن النَّاس متساوُون فِي الْفضل لَيْسَ لأحد مِنْهُم فضلٌ على الآخَرِ وَلَكنهُمْ أشباهٌ كإبل مائةٍ لَيْسَ