فيَدَعَهُ، وَإِذا فعل اليَرْبُوعُ ذَلِك قِيلَ لمن يَطْلُبُه دَعْه لَقَدْ حَافَر فَلَا يقدرُ عَلَيْهِ أحدٌ وَقَالَ: إِنَّه إِذا حَافَرَ أَبَى أنْ يَحْفِر الترابَ وَلَا يَنْبِثُه وَلَا يُدْرَى وجْهُ جُحْره، يُقَال قد حثا فترى الجُحْرَ مملوءًا تُراباً مستَوِياً مَعَ مَا سِواهُ إِذا حَثَا، ويُسَمَّى ذَلِك الحَاثِيَاءَ، ممدودٌ، يُقَال مَا أَشد اشْتِبَاه حَاثِيَائِه. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْل: رَجُلٌ مُحَافِرٌ: لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ، وَأنْشد:
مُحَافِرُ الْعَيْش أَبى جِوَارِي
لَيْسَ لَهُ مِمَّا أفاءَ الشَّاري
غيرُ مُدَىً وبُرْمَةٍ أعشارِ
أَبُو عُبَيْدَة: يُقَال أَحْفَرَ المُهْرُ للإِثْنَاءِ والإرْبَاع والقُرُوحِ وَأَفَرَّتِ الإِبلُ للاثناء إِذا ذهبت رَوَاضِعُها وطَلَع غَيْرُها. وَقَالَ فِي كتاب (الخيْلِ) يُقَال أَحْفَرَ المُهْرُ إحْفاراً فَهُوَ مُحْفِر، قَالَ وإِحْفَارُهُ أَن يَتَحَرَّك الثَّنِيَّتان السُفْلَيَان والعُلْيَيَان من رَوَاضِعِه، فَإِذا تحرَّكْنَ قَالُوا قَدْ أَحْفَرَت ثَنَايَا رَوَاضِعِه فسَقَطْن. قَالَ وأولُ مَا يُحْفِرْنَ فِيمَا بَين ثَلَاثِينَ شهرا أدْنَى ذَلِك إِلَى ثلاثةِ أعْوَامٍ، ثمَّ يسقُطْن فَيَقَع عَلَيْهَا اسمُ الإبْدَاء، ثمَّ يُبدىء فَيخرج لَهُ ثَنِيَّتَان سُفْلَيَان وثَنِيَّتَانِ عُلْيَيَانِ مَكَانَ ثَنَايَاه الرَّواضِعِ الَّتِي سَقَطْنَ بعد ثلاثةِ أَعْوَام فَهُوَ مُبْدِىءٌ قَالَ ثمَّ يُثَني فَلَا يزَال ثَنِيّاً حَتَّى يُحْفِرَ إحْفَاراً، وإحفارُهُ أَن تُحَركَ لَهُ الرَّبَاعِيَّتَانِ السفْلَيَان والرَّبَاعيتان العُلْيَيَان من رَوَاضِعه وَإِذا تَحَرَّكْن قيل قد أَحْفَرت رُبَاعِيَاتُ رواضعه فيسقُطْنَ، وَأول مَا يُحْفِرْن فِي اسْتِيفَائه أربعةَ أعوامٍ، ثمَّ يَقع عَلَيْهَا اسمُ الإبْدَاءِ، ثمَّ لَا يزَال رَبَاعِياً حَتَّى يُحفر لِلْقُروحِ وَهُوَ أَن يَتَحَرَّك قَارِحَاه، وَذَلِكَ إِذا استَوْفَى خَمْسَةَ أعوامٍ، ثمَّ يَقع عَلَيْهِ اسْمُ الإبْدَاءِ، عَلَى مَا وَصَفْنا ثمَّ هُوَ قارح.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي إِذا استَتَم المُهْرُ سنتَيْن فَهُوَ جَذَعٌ، ثمَّ إِذا استتم الثالثةَ فَهُوَ ثَنِيٌّ، فَإِذا أثْنَى أَلْقَى رَوَاضِعَه فَيُقَال أثنَى وأَدْرَمَ للأَثناء، ثمَّ هُوَ رَبَاعٍ إِذا استتمّ الرَّابِعَة من السنين يُقَال أَهْضم للإِرْبَاعِ وَإِذا دخل فِي الْخَامِسَة فَهُوَ قارِحٌ وَقد قَرَحَ يَقْرَحُ قُرُوحاً، قلت: وصَوَابُه إِذا استَتَمّ الخامِسَةَ، فَيكون مُوَافقا لقَوْل أبي عُبَيْدَة وكأَنَّهُ سقطَ شَيْءٌ.
وَيُقَال: حَفَرْتَ ثَرَى فُلانٍ إِذا فَتَّشْتَ عَن أمْرِه ووقَفْتَ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي حَفَرَ إِذا جَامَع وحَفَرَ إِذا فَسَدَ.
فَرح: قَالَ اللَّيْث رجل مُفْرَحٌ قد أَثْقَلَهُ الدَّيْن، وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ (وَلَا يُتْرَكُ فِي الْإِسْلَام مُفْرَح) قَالَ أَبُو عبيد المُفْرَح: الَّذِي قد أَفْرَحَهُ الدَّيْنُ أَي أَثْقَلَهُ، وَلَا يجِدُ قَضَاءَهُ. قَالَ وأنشدنا أَبُو عُبَيْدَة:
إذَا أَنْتَ لم تَبْرَحْ تُؤَدي أَمَانَةً
وتَحْمِلُ أُخْرَى أَفْرَحَتْكَ الوَدَائِعُ
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ فِي قَوْله: (وَلَا يتْرك فِي الْإِسْلَام مُفْرَح) هُوَ الَّذِي أثْقَلَ الدَّيْنُ ظَهْرَه، قَالَ: وَمن قَالَ مُفْرَجٌ فَهُوَ الَّذِي أثقله الْعِيَال وَإِن لم يكن مُدَّاناً.
وَقَالَ اللَّيْث: رَجُلٌ فَرِحٌ وفَرْحَانٌ وَامْرَأَة فَرِحَةٌ وفَرْحَى، وَيُقَال مَا يسرني بِهِ مَفْروحٌ ومُفْرِحٌ، فاالمَفْرُوح: الشيءُ الَّذِي أَنا أفْرَحُ