وَقَالَ الليثُ: شُيُوخ حَرْبى وَالْوَاحد حَرِبٌ شبيهٌ بالكَلْبى والكَلِب. وَأنْشد قَول الْأَعْشَى:
وشيوخٍ حَرْبى بشطَّيْ أَرِيكٍ
ونِسَاءٍ كأنَّهُنَّ السَّعَالي
قلت وَلم أسمع الحَرْبَى بمَعْنى الكَلْبى إِلَّا هَهُنَا. وَلَعَلَّه شَبَّهَه بالكلبى أَنه على مِثَاله.
وَقَالَ اللَّيْث: الحَرْبَةُ دون الرُّمْحِ والجميع الحِرَابُ.
وَقَالَ والمِحْرَاب: الغُرْفة وَأنْشد قَول امرىء الْقَيْس:
كغزلان رمل فِي محاريب أَقْوَال.
قَالَ والمِحْرَابُ عِنْد الْعَامَّة اليومَ مَقَامُ الإمامِ فِي المَسْجِد.
وكانَتْ مَحَارِيبُ بني إسْرَائيلَ مَسَاجِدَهُم الَّتِي يَجْتَمعُونَ فِيهَا للصَّلَاة.
قَالَ أَبُو عبيد: المِحْرَابُ: سيّد الْمجَالِس ومُقدَّمُها وأشْرَفُها، وكذلِكَ هُوَ من الْمَسَاجِد. وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: المحرابُ: مَجْلِسُ الناسِ ومُجْتَمَعُهُم.
وَقَالَ الأصمعيّ: الْعَرَب تسمي القَصْرَ محْرَاباً لِشَرفه. وَأنْشد:
أَو دميةٍ صُورَ مِحْرَابُها
أَبُو درة شِيفَتْ إِلَى تَاجر
أَرَادَ بالمحراب الْقصر، وبالدُّمْيَة الصُّورَة.
وَقَالَ الأصمعيّ: عَن أَبي عَمْرِو بنِ الْعَلَاء دخلتُ مِحْرَاباً من مَحَارِيبِ حِمْيَر فَنَفَخ فِي وَجْهي رِيحُ الْمسك أَرَادَ قَصْرَاً أَو مَا يشبه القصرَ، وَقَالَ الزّجاج فِي قَول الله جلّ وعزّ: {ُِالْخِطَابِ وَهَلْ أَتَاكَ نَبَؤُا الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُواْ} . (ص: ٢١) قَالَ: الْمِحْرَاب أَرْفَعُ بيتٍ فِي الدَّار، وأَرْفَعُ مَكانٍ فِي المسْجِد. قَالَ والمِحْرَابُ هَهُنَا كالغُرْفة وَأنْشد:
رَبَّةُ مِحْرَابٍ إِذا جِئْتُها
لم أَلْقَهَا أَوْ أَرْتَقِي سُلَّما
وَقَالَ الفرَّاءُ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {مَا يَشَآءُ مِن} (سَبَإ: ١٣) ذُكِرَ أنَّها صُوَرُ الأنبياءِ والملائكةِ، كَانَت تُصَوَّرُ فِي الْمَسَاجِد ليراها النّاسُ فيزْدَادُوا عبَادَة.
وَقَالَ الزجَّاجُ: هِيَ واحِدَةُ المِحْرابِ الَّذِي يُصَلّى فِيهِ.
وَفِي الحَدِيث أنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث عُرْوَةَ بن مسعودٍ إِلَى قومه بِالطَّائِف فَأَتاهُمْ ودَخَل محراباً لَهُ فَأَشْرَف عَلَيْهِم عِنْد الْفجْر، ثمَّ أذَّن للصَّلَاة. وَهَذَا يَدُلُّ على أَنه غرفَة يُرْتَقَى إِلَيْهَا. وَقَالَ اللَّيْث الْمِحْرَاب عنق الدَّابَّة.
ابْن الْأَنْبَارِي عَن أَحْمد بن عبيد: سمي المحرابُ مِحْرَاباً لانفراد الإِمَام فِيهِ وبُعْدِه عَن النَّاس.
وَمِنْه يُقَال فلانٌ حَرْبٌ لفُلَان إِذا كَانَ بَينهمَا تبَاعد ومباغضة واحتجَّ بقوله:
وحارَبَ مرفَقَها دَفُّها
وسامَى بِهِ عُنُقٌ مِسْعَر
أَرَادَ بعد مرفقها من دفها.
وَقَالَ الراجز:
كأنَّهَا لَمَّا سَمَا مِحْرابُها
وَقَالَ الْأَعْشَى: