للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ اللَّيْث: برودُ حِبَرَةٍ ضرب من البُرُود اليمانية.

يُقَال بُرْدُ حبرَة وبُرُودُ حِبَرَةٍ. قَالَ: وَلَيْسَ حِبَرَةُ موضعا أَو شَيْئا مَعْلُوما. إِنَّمَا هُوَ وَشْيٌ كَقَوْلِك ثوبُ قِرْمِزٍ، والقِرْمِزُ صِبْغَةٌ.

وَقَالَ اللَّيْث: الحبيرُ من السَّحَاب مَا يُرَى فِيهِ التَّنْميرُ من كَثْرَة المَاء.

قَالَ: والحبير من زَبَدِ اللُّغام إِذا صَار على رَأس الْبَعِير. قلت صحّف الليثُ هَذَا الحرفَ وَصَوَابه الْخَبِير بِالْخَاءِ لزَبَد أفْواهِ الْإِبِل هَكَذَا قَالَ أَبُو عبيدٍ فِيمَا رَوَاهُ الْإِيَادِي لنا عَن شمر، عَن أبي عُبيد.

وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الْحسن الصَّيْدَاوِيُّ عَن الرياشي. قَالَ: الْخَبِير الزَّبَدُ بِالْخَاءِ وَأما الحَبيرُ بِمَعْنى السَّحَاب فَلَا أعرفهُ وَإِن كَانَ أَخذه من قَول الْهُذلِيّ:

تَغَذَّمْنَ فِي جانبيه الحَبيرَ

لَمَّا وهَى مُزْنُهُ واستُبِيحا

فَهُوَ بِالْخَاءِ أَيْضا وسنقف عَلَيْهِ فِي كتاب الْخَاء مُشْبَعاً إِن شَاءَ الله.

وروَى شَمِر عَن أبي عَمْرو قَالَ: المحْبَارُ الأَرْض السريعةُ الْكلأ.

وَقَالَ عنترةُ الطَّائِي:

لنا جِبَالٌ وَحمى مِحْبَارُ

وطُرُق يُبْنَى بهَا المَنَار

وَيُقَال للمِحْبَارِ من الأَرْض حَبِرٌ أَيْضا وَقَالَ:

لَيْسَ بِمِعْشَابِ اللوى وَلَا حَبِر

وَلَا بعيدٍ من أَذًى وَلَا قَذَر

قَالَ، وَقَالَ ابْن شُمَيْل: المِحْبَارُ الأرضُ السريعةُ النَّبَاتِ السهلةُ الدفِيئَةُ الَّتِي ببطون الأَرْض وسَرَارَتِها وأَرَاضتها فَتلك المحابير. وَقد حَبِرَت الأرضُ وأَحْبَرَتْ. وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما خطب خديجَةَ وأجابَتْهُ اسْتَأْذَنت أَبَاهَا فِي أَن تَتَزَوَّجَهُ وَهُوَ ثَمِلٌ فَأذن لَهَا فِي ذَلِك، وَقَالَ: هُوَ الْفَحْل لَا يُقْرَعُ أَنْفُه فنَحَرتْ بَعِيرًا، وخلَّقت أَبَاهَا بالعبِير، وكسَتْه بُرْداً أحمرَ، فلمّا صَحا من سُكُرِه قَالَ: مَا هَذَا الحبِيرُ وَهَذَا العقير وَهَذَا العبير؟ أَرَادَ بالحبيرِ البُرْدَ الَّذِي كستْهُ، وبالعبير الخَلُوقَ الَّذِي خلّقته، وَأَرَادَ بالعقيرِ البعيرَ المنحورَ، وَكَانَ عُقر سَاقه.

والحُبَارَى ذكرهَا الحَرَبُ، وَتجمع حُبارَيَات. وللعرب فِيهَا أَمْثَال جمّة، مِنْهَا قولُهم أَذْرَقُ من حُبَارى، وأَسْلَحُ من حُبارَى، لأنَّها ترمي الصَّقْر بسَلْحِها إِذا أَرَاغها ليصيدَها فتلوث ريشه بِلَثَق سَلْحِها. وَيُقَال إنّ ذَلِك يشْتَد على الصَّقْر لمَنعه إيّاه من الطيران، وَمن أَمْثَالِهم فِي الحُبَارى: أَمْوَقُ من الحُبَارى، وَذَلِكَ أَنّها تعلّم وَلَدهَا الطيرانَ قَبْلَ نَبَاتِ جَنَاحه، فتطير مُعَارِضَةً لفَرْخِها ليتعلّم مِنْهَا الطيران، وَمِنْه المثلُ السائِر للْعَرَب (كل شَيْء يحبُّ وَلَده حَتَّى الحُبَارى وتَدِفُّ عَنَدَهُ) وَمعنى قولِهم (تَدِفُّ عَنَدَه) أَي تطير عَنَدَه أَي تُعَارضه بالطَّيران وَلَا طيران لَهُ لضعف حِفَافَيه وقَوَادِمه. وَقَالَ الأصمعيُّ: فلَان يعانِدُ فلَانا أَي يفعل فعله ويباريه. وَمن أمثالِهم فِي الحُبارى قَوْلهم: (فلَان ميت كَمَدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>