وَصَوَابه السّيح والمسيَّح بِالسِّين وَالْيَاء، وَأَنا أذكرهما فِي موضعِهما من بَاب الْحَاء وَالسِّين فِي أَبْوَاب المعتلّ، وأَعْزِي مَا قيلَ فيهمَا إِلَى قائِله إِن شَاءَ الله.
وَقَالَ اللَّيْث الشياحُ الحِذَارُ وَرجل شائحٌ حَذِر وَتقول إِنَّه لمُشيح حازمٌ حَذِرٌ، وَأنْشد:
أَمُرُّ مُشِيحاً معي فتية
فَمِنْ بَيْنِ مُؤْدٍ وَمن خَاسِر
والمشيح المجدُّ. وَقَالَ عَمْرو بن الإطنابة:
وإقدامي على المكرُوه نَفْسِي
وضربي هامةَ البطلِ المُشِيح
قَالَ اللَّيْث: وَإِذا أَرْخَى الفَرَسُ ذَنَبَهُ قيل قد أَشَاح بِذَنبِهِ وَإِذا نَحَّى الرجلُ وجْهَهُ عَن وهَجِ نارٍ أصابَه، أَو عَن أَذًى قيل قد أَشَاحَ بِوَجْهه. قلت أَمَّا مَا قَالَ فِي إشَاحَتِه عَن وَهَج النَّار فَهُوَ صَحيحٌ لأنَّه حَذَرٌ وأَمَّا قولُه: أَشَاح الفرسُ بذنَبه إِذا أَرْخَاه فَإِنَّهُ تصْحيف عِنْدِي، وَالصَّوَاب فِيهِ أَسَاح بِذَنبه، وَكَذَلِكَ أَسَابَ بِهِ، ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ (اتَّقُوا النَّار وَلَو بِشِقّ تَمْرَةٍ ثمَّ أعْرض وأشاح) .
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي المُشِيح الجادُّ والمُشيح الحذِر، وروى سلمةُ عَن الفراءِ أَنه قَالَ: المُشِيحُ على وَجْهَيْن: أَحدهمَا المُقْبِلُ عَلَيْك، والآخَرُ المانِعُ لِما ورَاءَ ظَهْرِه، قَالَ: وَقَوله أَعْرَضَ ثمَّ أَشَاحَ: أَي أقْبَلَ. الْفراء وَيُقَال إِنَّهُم لفي مَشْيُوحَاءَ ومَشِحَاءَ من أَمرهم: أَي يُحَاوِلون أَمْراً يَبْتَدِرُونه وَقَالَ بَعضهم: فِي اختلاطٍ من أمرِهِمْ. وَقَالَ شمر: المُشِيحُ ليسَ من الأضْدَادِ، إِنَّمَا هِيَ كلمةٌ جَاءَت بِمَعْنَيَيْنِ. قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أعرض بِوَجْهِه وأَشَاح أَي جَدَّ فِي الْإِعْرَاض، وَقَالَ: المُشِيحُ الجادُّ قَالَ: وأقرأَنا لطرفة يصف الْخَيل:
دُوخِلُ الصَّنْعةُ فِي أَمْتُنِها
فَهِيَ من تحتُ مُشِيحَاتُ الحُزُمْ
يَقُول جَدّ ارتفاعُها فِي الحُزُم. وَقَالَ: إِذا ضَمُرَ وارتفع حزامه سمي مُشِيحاً.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الإشَاحَةُ أَيْضا الحَذَرُ، وَأنْشد قَول أَوْسٍ:
فِي حيثُ لَا تنفعُ الإشَاحَةُ من
أَمْرٍ لمن قد يُحاولُ البِدَعا
قَالَ والإشاحَةُ الحَذَرُ والخوفُ لمن حاولَ أَن يَدْفَعَ المَوْتَ، ومُحاوَلَتُه دَفْعُهُ بِدْعَةٌ. قَالَ وَلَا يكون الحذِرُ بِغَيْر جِدّ مُشِيحاً. وَقَالَ خَالِد بن جَنْبة الشَّيْحَانُ الَّذِي يتهمّسُ عدْواً أَرَادَ السرعة، أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو الشَّيْحَانُ الطويلُ وَأنْشد شمر:
مُشِيحٌ فَوق شَيْحَانِ
يَدُورُ كأَنَّه كَلْبُ
وَقَالَ شمر: وَرُوِيَ فَوق شِيحانٍ بِكَسْر الشين.
وَقَالَ الليثُ: شَايَحَ أَي قَاتَل وَأنْشد:
وشايَحْتَ قبل اليومِ إِنَّك شِيحُ
وَقَالَ فِي قَوْله:
تُشِيح على الفَلاةِ فتعْتَليها
بِبَوْع القِدْرِ إِذْ قَلِق الوضِينُ
أَي تُديم السّير. أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: المَشْيُوحَاءُ الأَرْض الَّتِي تُنبت الشيحَ،