فلستُ بالأكْثَرِ منْهُم حَصًى
وَإِنَّمَا العزَّةُ للْكاثِر
قَالَ: وحَصَاةُ اللّسَانِ ذَرَابَتُهُ. قَالَ وَفِي الحَدِيث: (وَهل يُكَبُّ الناسُ على مناخرهم فِي جَهنَّم إِلَّا حَصَا أَلْسِنَتهم) . قلت والرّواية الصَّحِيحَة (إلَاّ حصائدُ ألسنتهم) ؟ وَقد مرّ تَفْسِيره فِي بَابه، وأَمَّا الحَصَاةُ فَهُوَ الْعقل نَفسه.
وروى ابْن السّكيت عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: فلَان ذُو حَصَاةٍ وأَصَاةٍ إِذا كَانَ حازِماً كَتُوماً على نفْسِه يحفظ سرَّه. قَالَ والحَصَاة الْعقل، وَهُوَ فَعَلَة من أحْصَيْتُ قَالَ طرفَة:
وإنّ لسانَ المَرْءِ مَا لم يَكُنْ لَهُ
حصاةٌ على عَوْرَاتِه لَدلِيلُ
يَقُول إِذا لم يكنْ مَعَ اللِّسَان عقل يحجزه عَن بسْطه فِيمَا لَا يجب دَل اللِّسَان على عَيبه بِمَا بِلَفْظ بِهِ من عُور الْكَلَام.
قَالَ اللَّيْث وَيُقَال لكل قطعَة من الْمسك حصاةٌ. قَالَ: والحصاةُ داءٌ فِي المثانَة، وَهُوَ أَن يخثُرَ الْبَوْل فيشتد حَتَّى يصير كالحصاة. يُقَال حصِيَ الرجلُ فَهُوَ مَحْصِي.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي الحَصْوُ هُوَ المَغَسُ فِي البَطْنِ. وَفُلَان ذُو حَصى أَي ذُو عَددٍ، بِغَيْر هَاء. وَهُوَ من الإحْصَاء لَا من حَصَى الْحِجَارَة وَفُلَان حَصِيٌّ وحَصيفٌ ومُسْتَحْصٍ إِذا كَانَ شديدَ العَقْل، وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَىْءٍ} (الْجِنّ: ٢٨) أَي أحَاط علمُه بِاسْتِيفَاء عَدَدِ كل شَيْء.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله {وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَلَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ} (المُزمّل: ٢٠) قَالَ علم أَن لنْ تحفظُوا مَوَاقِيت اللَّيلِ، وَقَالَ غَيره مَعْنَاهُ {وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَلَّن تُحْصُوهُ} أَي عَلِمَ أَن لن تُطِيقوه، وَأما قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن لله تِسْعَة وَتِسْعين اسْما من أحْصَاها دخلَ الجَنّة) فمعْناه وَالله أعلم من أحْصَاهَا عِلْماً وإيماناً بهَا ويقيناً بِأَنَّهَا صفاتُ الله جلّ وعزّ، وَلم يُرد الإحصاء الَّذِي هُوَ العَدّ. والحَصَاةُ الْعقل: اسْم من الإحصاء فِي هَذَا الْموضع وَقَالَ أَبُو زُبَيد:
يُبْلغُ الجَهْدَ ذَا الْحَصَاة من القو
مِ وَمن يُلْفَ وَاهناً فَهُوَ مُود
يَقُول: يُبلغ ذَا الْحَصَاة من الْقَوْم الجَهْد أَي ذَا الْقُوَّة والرزانة وَالْعقل وَالْعلم بمصادر الْأُمُور ومواردها.
صوح، صِيحَ: أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ وَأبي عَمْرو قَالَ: الصُّوحُ حَائِط الْوَادي وهما صُوحَانِ. وَفِي الحَدِيث أَن مُحَلم بن جُثَامة قتل رجلا يَقُول لَا إلاه إلاّ الله، فلمّا مَاتَ دفنوه قَالَ فلفَظَتْه الأَرْض فألْقَوْه بَين صُوحيْن فأكلته السبَاع.
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصَّوْحُ بِفَتْح الصَّاد الجانبُ من الرأسِ والجبلِ. قلت: وغيرُه يَقُول صُوحٌ لوجه الْجَبَل الْقَائِم كَأنه حَائِط، وهما لُغَتَانِ صَوْحٌ وصُوحٌ.
سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: الصُّوَاحِيُّ مَأْخُوذ من الصُّوَاح وَهُوَ الْجصّ وَأنْشد:
جَلَبْنَا الخيلَ من تثْليث حَتَّى
كأنّ على مَنَاسِجِها صُواحَا