للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ (لَا سياحة فِي الْإِسْلَام) ، أَرَادَ بالسياحة مفارَقَةَ الأَمْصَارِ والذهابَ فِي الأرضِ وَأَصله من سَيْح الماءِ الْجَارِي.

وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ} (التّوبَة: ١١٢) وَقَالَ {عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ} (التّحْريم: ٥)

جَاءَ فِي التَّفْسِير أَن السائحين والسائحات الصائمون.

وَقَالَ الْحسن: هم الَّذين يَصومُون الْفَرْض. وَقد قيل: إِنَّهُم الَّذين يُدِيمُون الصّيام. وَقَول الْحسن أَبْيَنُ. وَقيل للصَّائِم: سائح لِأَن الَّذِي يسيح مُتَعبداً يذهبُ فِي الأَرْض لَا زادَ مَعه فحين يَجِد الزَّاد يَطْعَمُ، والصائم لَا يَطْعَم أَيْضا، فَلِشَبهَه بِهِ سمي سائحاً.

وَفِي الحَدِيث على أَنه وصف قَوْماً فَقَالَ: (لَيْسُوا بالمسَايِيح البُذُر) .

قَالَ شمر: المسايِيحُ لَيْسَ من السّياحة وَلكنه من التسييح فِي الثوْبِ أَن يكون فِيهِ خطُوطٌ مختلفةٌ لَيْسَ من نحوٍ واحدٍ

وَقَالَ ابْن شُمَيْل: المُسَيَّحُ من العَبَاءِ الَّذِي فِيهِ جُدَدٌ، واحدةٌ بيضاءُ وأُخْرى سَوْدَاءُ لَيست بشديدةِ السَواد. وكل عباءة سَيْحٌ ومُسَيَّحَةٌ. يُقَال: نِعْم السَّيْحُ هَذَا، وَمَا لم يكن ذَا جُدَدٍ، فَإِنَّمَا هُوَ كِسَاء وَلَيْسَ بِعَبَاءٍ. وَقَالَ: وَكَذَلِكَ المُسَيَّح من الطّرق المبيَّنُ، وَإِنَّمَا سيَّحه كَثْرَة شَرَكِه، شُبه بالعَباءِ المُسَيَّح. وَيُقَال للحمار الْوَحْش مُسيَّح لجُدَّته الَّتِي تفْصِل بَين البَطْن والجَنْبِ.

أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: السيْح مِسْحٌ مُخَطَّطٌ يكونُ فِي الْبَيْت يصلح أَن يُفْتَرَش وَأَن يسْتَتر بِهِ.

وَقَالَ الأصمعيُّ: إِذا صارَ فِي الجَرَادِ خطوطٌ سودٌ وصُفْرٌ وبيضٌ فَهُوَ المُسَيَّح، فَإِذا بدا حَجْمُ جَناحِه فَذَلِك الكُتْفَان لِأَنَّهُ حينئذٍ يَكْتِف الْمَشْي فَإِذا ظَهَرَتْ أجْنِحَتُه وَصَارَ أحْمَرَ إِلَى الغُبْرَةِ فَهُوَ الغَوْغَاءُ والواحدة غَوْغَاءَةٌ؛ وَذَلِكَ حِين يَمُوجُ بعضُه فِي بَعْضٍ وَلَا يتوجّه جِهَةً وَاحِدَة، هَذَا فِي رِوَايَة عمر بن بَحْرٍ.

وَقَالَ شمر: المسايِيحُ الذَين يسيحون فِي الأرْض بالشَّر والنميمةِ والإفسادِ بَين النَّاس، والمَذَايِيعُ الَّذين يُذيعُون الْفَوَاحِش.

وَقَالَ الليثُ: السَّاحة فَضَاءٌ يكون بَين دُور الحَي، والجمعُ سوحٌ وسَاحَاتٌ، وتصغيرها سُوَيْحَةٌ.

وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للأتان قد انْسَاح بَطْنُها وأنْدَال سِيَاحاً إِذا ضَخُمَ ودَنَا من الأَرْض. وَيُقَال: أساحَ الفَرَسُ ذَكره وأَسابَه إِذا أخرجه من قُنْبِه. قَالَه خَليفَة الحصيني قَالَ وسيَّبه وسيَّحه مثلُه.

وَقَالَ غَيره: أسَاحَ فلانٌ نَهْراً إِذا أَجْراه. وَقَالَ الفرزدق:

وَكم لِلْمُسلمِين أسَحْتَ يَجْرِي

بِإِذن الله من نَهْر ونَهْرِ

يَقُول: كم من نَهْرٍ أجريتَه للْمُسلمين فانتفعوا بمائه.

<<  <  ج: ص:  >  >>