قَالَ: والوَحْدُ خفيفٌ: حِدَةُ كل شَيْء، يُقَال: وَحَدَ الشَّيْء فَهُوَ يَحِدُ حِدَةً، وكل شيءٍ على حِدَةٍ بائنٌ من آخَرَ، يُقَال ذَاك على حِدَتِه، وهما على حِدَتِهما، وهم على حِدَتِهم. والوَحْدَةُ الِانْفِرَاد.
ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء رجل وَحِيدٌ وَوَحَدٌ ووَحِدٌ، وَكَذَلِكَ فريد وفَرَدٌ وفَرِدٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: رجلٌ وحيدٌ لَا أَحَدَ مَعَه يُؤْنِسُه، وَقد وَحُدَ يَوْحُدُ وحَادَةً وَوَحْدَةً وَوَحَداً.
قَالَ: والتَوْحيد الإيمانُ بِاللَّه وحْدَهُ لَا شريك لَهُ، وَالله الْوَاحِدُ الْأَحَد ذُو الوحْدانيَّة والتَّوَحُّدِ.
قَالَ: والوَاحِدُ أَوّلُ عَدَدٍ من الحسابِ تَقول: واحدٌ وَاثْنَانِ وثلاثةٌ إِلَى عشرَة فَإِذا زَاد قلت: أَحَدَ عشْرَ يجْرِي أحد فِي الْعدَد مجْرى واحدٍ، وَإِن شِئْت قلت فِي الِابْتِدَاء وَاحِدٌ اثْنَان ثَلَاثَة، وَلَا يُقَال فِي أحد عشر غير أحد والتأنيثُ وَاحِدَةٌ وَإِحْدَى فِي الِابْتِدَاء يجْرِي مَجْرَى وَاحِدِ فِي قَوْلك أحد وَعِشْرُونَ كَمَا يُقالُ واحِدٌ وَعِشْرُونَ.
فأمَّا إِحْدَى عشرَة، فَلَا يُقَال غَيْرُها، فَإِذا حَمَلوا الأحَدَ على الفَاعِل أُجْرِي مُجْرَى الثّاني والثالثِ، وَقَالُوا هُوَ حَادِي عشرتهم وَهَذَا ثَانِي عَشَرَتِهم والليلةُ الْحَادِيَة عشر وَالْيَوْم الْحَادِي عَشَرَ. قَالَ وَهَذَا مقلوبٌ كَمَا يُقَال: جَبَذ وجَذَبَ.
قَالَ: والوُحْدَانُ جمع الوَاحِدِ، وَيُقَال الأُحْدَانُ فِي مَوضِع الوُحْدانِ. وَيُقَال أَحِدْتُ إِلَيْهِ أَي عَهِدتُ إِلَيْهِ وَأنْشد الْفراء:
بانَ الأحِبَّةُ بالأَحْدِ الَّذِي أَحِدُوا
يُرِيد بالعهْدِ الَّذِي عهدوا. وَتقول: هُوَ أَحَدُهُم، وَهِي إحْداهُنّ، فَإِن كَانَت امرأةٌ مَعَ رجال لم يستقم أَن تَقول هِيَ إحداهُم وَلَا أحَدُهم، إلاّ أَن يُقَالَ هِيَ كأحَدِهم أَو هِيَ وَاحِدَةٌ مِنْهُم.
قَالَ: وتَقُول: الجلوسُ والقعودُ واحدٌ وأصحابي وأصحابُك واحِدٌ. قَالَ: والمَوْحَدُ كالمَثْنَى والمَثْلَثِ. تَقول جَاءُوا مَثْنَى مَثْنَى. ومَوْحَدَ ومَوْحَد. وَكَذَلِكَ جاءُوا ثُلَاثَ وثُنَاءَ وأُحَاد. قَالَ: والمِيحَادُ كالمِعْشَارِ، وَهُوَ جُزْءٌ واحدٌ كَمَا أَن المِعْشَارَ عُشْرٌ. والمَوَاحِيدُ جَمَاعةُ الميحادِ. لَو رأيتُ أَكَمَاتٍ منفرِدَاتٍ كلُّ واحدةٍ بَائِنَةٌ من الأُخْرى كَانَت مِيحاداً أَو مواحيدَ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنَّه قَالَ فِي قَوْله:
لقد بَهَرْتَ فَمَا تَخْفى على أَحَد
إِلَّا على أحدٍ لَا يعرف القَمَرَا
فَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم أَقَامَ أَحَدَ مُقَام مَا أَوْ شَيْء، وَلَيْسَ أحدٌ من الإنْس وَلَا من الْجنّ وَلَا يتكلَّم بِأَحَدٍ إلاّ فِي قَوْلك: مَا رأيتُ أحَداً قَالَ أَو تكلّم بِذَاكَ من الجنّ والإنْس والمَلَائِكَةِ، فَإِذا كَانَ النَّفْسُ فِي غَيرهم قلتَ مَا رأيْتُ شَيْئا يَعْدِلُ هَذَا، وَمَا رَأَيْت مَا يَعْدل هَذَا، ثمَّ تُدْخِلُ العربُ شَيْئا على أحَدٍ، وأَحَداً على شَيْء، قَالَ الله تَعَالَى {حَكِيمٌ وَإِن فَاتَكُمْ شَىْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُواْ الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِّثْلَ مَآ أَنفَقُواْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
١٧٦٤ - أَنتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ} (المُمتَحنَة: ١١) الْآيَة وَقرأَهَا ابْن مَسْعُود (وَإِن فاتكم أحد من أزواجكم) . وَقَالَ: