وَأما قَول الله جلّ وعزّ:{أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ} فَهُوَ كِنَايَة عَن ذكر الله الْمَعْلُوم قبل نزُول الْقُرْآن، وَالْمعْنَى الَّذِي سَأَلْتُم تَبْيينَ نَسبه هُوَ الله، وَقَوله {أَحَدٌ مَرْفُوع على معنى: هُوَ الله هُوَ أحد.
ورُوِي فِي التَّفْسِير أَن الْمُشْركين قَالُوا للنَّبِي انسُب لنا رَبك فَأنْزل الله:} قلت وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أنّ لله نسبا انتسب إِلَيْهِ وَلَكِن مَعْنَاهُ نفي النّسَب عَن الله الواحِدِ لِأَن الأَنْسَابَ إِنَّمَا تكون للمخلوقين، وَالله صفته أَنه لم يَلِدْ ولدا يُنْسَب إِلَيْهِ وَلم يلده أحد، فينسبَ إِلَى وَالِدهِ وَلم يكن لَهُ مِثْل، وَلَا يكون فيُشبه بِهِ، تَعَالَى الله عَن افتراء المفترين وتقدّس عَن إلحاد الْمُشْركين وسبحانَه عَمَّا يَقُول الظَّالِمُونَ علوّاً كَبِيرا.
قلت والواحِدُ فِي صفة الله مَعْنَاهُ أَنه لَا ثَانِي لَهُ، وَيجوز أَن يُنْعَتَ الشَّيْء بأَنه وَاحِدٌ فأمَّا أَحَدٌ فَلَا يوصَفُ بِهِ غيرُ الله لِخُلوصِ هَذَا الاسمِ الشريف لَهُ جلّ ثَنَاؤُه.
وَيَقُول أحَّدْتُ الله ووحَّدْتُه وَهُوَ الأَحَدُ الوَاحِدُ، وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهُ قَالَ لرجل ذكر الله وَأَوْمَأَ بأصبعَيْه فَقَالَ لَهُ: أَحد أَحدْ، مَعْنَاهُ أَشِرْ بإصبَع وَاحِدٍ وَأما قَول النَّاس توحَّد الله بالأمْرِ وتفرّد فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ صَحِيحا فِي الْعَرَبيَّة فَإِنِّي لَا أُحِبُّ أَن ألْفِظَ بلفْظٍ فِي صفة الله لم يصِفْ بِهِ نَفْسه فِي التَّنْزِيل أَو فِي السّنة وَلم أجد المتوحد وَلَا المتفرد فِي صِفَاته، وَإِنَّمَا تَنْتَهي فِي صِفَات الله إِلَى مَا وصف بِهِ نَفسه، وَلَا تجاوزه إِلَى غَيره لجوازه فِي الْعَرَبيَّة تَعَالَى الله عَن التَّمْثِيل والتشبيه علوّاً كَبِيرا.