للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التبْييض وَمِنْه قيل امْرَأَة حَوَارِيّة إِذا كَانَت بيضاءَ. قَالَ: فلمّا كَانَ عِيسَى ابنُ مريمَ نَصَره هَؤُلَاءِ الحواريُّون فَكَانُوا أَنْصارَه دونَ النّاس قيل لكل ناصرٍ نَبيَّه: حواريٌّ إِذا بَالغ فِي نُصْرَتِه؛ تَشْبِيها بأولئك.

ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الحَوارِيُّون: الأنصارُ، وهم خاصّةُ أَصْحَابه. وروى شَمِرٌ عَنهُ أَنه قَالَ: الحَوَارِيُّ الناصح، وَأَصله الشيءُ الْخَالِص. وكلُّ شَيْء خلص لَونه فَهُوَ حَوَارِيٌّ. والحَوَاريَّاتُ من النِّسَاء النقيّات الألْوَانِ والجُلودِ. وَمن هَذَا قيل لصَاحب الحُوَّارَى مُحَور. وَقَالَ الزّجاج: الحواريُّون خُلَصَاء الأنبياءِت وصفوتُهم، وَالدَّلِيل على ذَلِكَ قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الزبير ابْن عمَّتي وحواريٌّ من أُمَّتي) . قَالَ: وَأَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حواريُّون. وَتَأْويل الحواريين فِي اللُّغة الَّذين أُخْلِصوا ونُقُّوا من كل عيب، وَكَذَلِكَ الحُوَّارَى من الدَّقِيق، سُمي بِهِ لأَنَّه يُنَقَّى من لُباب البُر، قَالَ: وتأوِيلُه فِي النَّاس الَّذِي قَدْ رُوجِع فِي اخْتِيَارِه مرّةً بعد مرَّةٍ فَوُجِدَ نَقِيّاً من الْعُيُوب. قَالَ: وأصل التحوير فِي اللّغة من حَارَ يَحورُ، وَهُوَ الرُّجُوع. والتَّحويرُ الترجيع، فَهَذَا تَأْوِيله وَالله أعلم.

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: يُقَال لِنسَاء الأمْصَار حَوارِيَّات لِأَنَّهُنَّ تباعدن عَن قشَفِ الأعرابيات بنظافَتِهن، وَأنْشد:

فَقُلْ لِلْحَوَاريَّاتِ يَبْكِيْنَ غيرَنا

وَلَا يَبْكِينَ إلاّ الكِلابُ النَّوَابِحُ

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: دَقِيق حُوَّارَى أَخذ من هَذَا لِأَنَّهُ لباب البُر، وعجين مُحَوَّر، وَهُوَ الَّذِي مُسح وَجهه بِالْمَاءِ حَتَّى صَفَا.

وَعين حَوْرَاءُ إِذا اشتدّ بياضُ بياضِها وخَلُص واشتدّ سَواد سوادِها، وَلَا تُسَمَّى المرأةُ حَوْرَاءَ حَتَّى تكونَ مَعَ حَوَرِ عينيها بيضاءَ لَوْنِ الجَسَدِ، وَقَالَ الْكُمَيْت:

وَدَامَتْ قُدُورُك للسَّاغبي

ن فِي المَحْلِ غَرْغَرةً واحْوِرَارا

أَرَادَ بالغرغرة: صوتَ الغلَيانِ وبالاحْوِرَار بياضَ الإهَالَةِ والشحمِ. وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يتعوّذ من الحَوْر بعد الكَوْرِ، ويروى بعد الكَوْن. قَالَ أَبُو عبيد: سُئِلَ عَاصِم عَن هَذَا فَقَالَ ألم تسمع إِلَى قَوْلهم: حَارَ بعد مَا كانَ يقولُ إِنَّه كَانَ على حَال جميلةٍ، فحارَ عَن ذَلِك أَي رَجَعَ. وَمن رَوَاهُ بعد الكَوْر فَمَعْنَاه النُّقْصَان بعد الزّيادة، مَأْخُوذ من كَوْر الْعِمَامَة إِذا انْتقض لَيُّها، وبعضُه يقرب من بعض. عَمْرو عَن أَبِيه الحَوْرُ التحيُّر، قَالَ: والحَوْرُ النُّقصان والحَوْرُ الرُّجُوع. قَالَ اللَّيْث: الحَوْرُ مَا تَحت الكَوْر من الْعِمَامَة. قَالَ: والْحَوَرُ خشب يُقَال لَهَا الْبَيْضَاء قَالَ والْحُوارُ النصيل أَوَّلَ مَا يُنْتَجُ، وجَمْعُه حِيرَانٌ، والحُورُ الأَدِيمُ المصبوغُ بِحُمْرة، وَأنْشد:

فَظَلَّ يَرْشَحُ مِسْكاً فَوْقَهُ عَلَق

كأنَّما قُدَّ فِي أَثْوَابِه الحَوَرُ

قَالَ: وخُفٌّ محوَّرٌ إِذا بُطن بحُور. وَيُقَال للرجل إِذا اضْطربَ أَمْره: لقد قَلِقَتْ مَحَاوِرُه، وَأنْشد ابْن السّكيت:

<<  <  ج: ص:  >  >>