للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والاحتيال والمُحَاوَلَةُ مطالبتُك الشيءَ بالحِيَل، وكل من رامَ أمرا بالحِيَلِ فقد حاوله، وَقَالَ لبيد:

أَلَا تسأَلان المَرْء مَاذَا يُحَاوِلُ

وَرجل حُوَّلٌ ذُو حِيَلٍ، وَامْرَأَة حُوَّلةٌ. وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الفرّاء قَالَ: سَمِعت أَعْرَابياً من بني سُلَيم ينشد:

فإنَّها حِيَلُ الشّيطانِ يَحْتَئِل

قَالَ وَغَيره من بني سُلَيم يَقُول: يحتال بِغَيْرِ هَمْزٍ قَالَ وأنشدني بَعضهم:

يَا دَارَ مَيَّ بِدَكَادِيكِ البُرَقْ

سَقْياً وإِنْ هَيَّجت شَوْقَ المُشْتَئِقْ

وَغَيره يَقُول المشتاق وَرجل مِحْوالٌ كثيرُ مُحالِ الْكَلَام والمحال من الْكَلَام مَا حُول عَن وجْهِه، وَكَلَام مسْتَحِيلٌ مُحَالٌ. وَأَرْض مستَحَالَةٌ تُرِكت حَوْلاً وأَحْوالاً عَن الزِّرَاعَة. والقوس المُسْتَحَالَةُ الَّتِي فِي سِيَتِهَا اعوجاج ورِجْلٌ مستحَالَةٌ إِذا كَانَ طرفَا الساقيْنِ مِنْهَا مُعْوَجَّين، وكل شَيْء اسْتَحَالَ عَن الاستواءِ إِلَى العِوَجِ يُقَال لَهُ مستحيلٌ.

قَالَ والحَوْل اسْم يجمع الحَوَالَيْ. تَقول حوالي الدَّار كَأَنَّهَا فِي الأَصْل حوالَيْنِ، كَقَوْلِك جانِبَيْنِ فَأسْقطت النُّون وأضيفت كَقَوْلِك: ذُو مالٍ وأولو مالٍ. قلت: الْعَرَب تَقول رَأَيْت النَّاس حَوْلَه وحَوَالَيْه وحَوَاله وحَوْلَيْه. فَحَوالَه وُحْدَانُ حَواليْه، وأمّا حَوْليه فَهُوَ تَثْنِيَة حَوْلَةُ وَقَالَ الرّاجز:

ماءٌ رَوَاءٌ ونَصِيٌّ حَوْلَيْهْ

هَذَا مَقَامٌ لَكَ حَتَّى تِئْبَيْهْ

الْمَعْنى تأْبَاهُ. وَمثل قَوْلهم حَوَالَيْكَ دَوَالَيْك وحَجَازَيْكَ وحنَانَيْك.

وَقَالَ اللَّيْث الحِوَالُ المُحَاوَلَةُ. حَاوَلْته حِوَالاً ومُحاوَلَةً، أَي طالبْتُ بالحيلة.

قَالَ: والحِوَالُ كُلُّ شيءٍ حالَ بَين اثْنَيْنِ. يُقَال هَذَا حِوَال بَيْنِهِمَا أَي حائِلٌ بَيْنِهِما. فالحاجِز والحِجاز والحِوَلُ يجْرِي مَجْرى التَّحْويل. تَقول: حُولُوا عَنْهَا تحويلاً وحِوَلاً. قلت: فالتَّحْوِيلُ مصدر حقيقيّ من حوّلْتُ. والحِوَل اسْم يقوم مَقَامَ الْمصدر.

قَالَ الله جلّ وعزّ: {لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً} (الْكَهْف: ١٠٨) أَي تحويلاً.

وَقَالَ الزّجاج فِي قَوْله: {لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً} أَي لَا يُرِيدُونَ عَنْهَا تَحوُّلاً. يُقَال: قد حَال من مَكَانَهُ حِوَلاً كَمَا قَالُوا فِي المصادر صَفُر صِفَراً وعادني حُبُّها عِوَاداً.

قَالَ وَقد قيل إِن الحِوَل الحِيلَةُ فَيكون على هَذَا الْمَعْنى: لَا يَحْتَالُون مَنْزِلاً غَيْرَهَا.

قَالَ: وقرىء قولُه جلّ وعزّ: {دِينًا قِيَمًا} (الأنعَام: ١٦١) وَلم يقل قِوَماً، مثل قَوْله {لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً} لِأَن قِيمَاً من قَوْلك قَامَ قيمًا كَأَنَّهُ بني على قَوُم أَو قَوَم فَلَمَّا اعتلّ فَصَارَ قَام اعتَل (قِيمَ) وَأما حِوَل فَهُوَ على أَنه جارٍ على غير فعل. أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ فِي قَوْله: {لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً} قَالَ تحويلاً وَقَالَ أَبُو زيد:

<<  <  ج: ص:  >  >>