وَفِي أَيْمَانِهِم بِيْضٌ رِقَاقٌ
كَبَاقِي السَّيْلِ أَصْبَحَ فِي المَنَاحِي
قَالَ المَنْحَاةُ: مسيل الماءِ إِذا كَانَ مُلْتَوِياً. وَقَالَ أَبُو عبيد قَالَ أَبُو عَمْرو: المَنْحَاةُ مَا بَين البِئْرِ إِلَى مُنْتَهى السانِيَةِ.
قَالَ الأزهريّ: المَنْحَاةُ مُنْتَهى مَذْهَبِ السَّانِيَة، وَرُبَّمَا وُضِعَ عِنْده حَجَرٌ ليعلم قَائِد السانية أَنه الْمُنْتَهى فيتيسَّر مُنْعَطفاً لِأَنَّهُ إِن جاوزَه تَقَطّع الغَرْبُ وأَدَاته.
وَقَالَ اللَّيْث: النحْيُ جَرَّةٌ يُجعل فِيهَا اللَّبَنُ ليُمْخَضَ، وَالْفِعْل مِنْهُ نَحَى اللَّبَنَ يَنْحَاهُ وتَنَحَّاه أَي تمَخَّضه وَأنْشد:
فِي قَعْرِ نحْيٍ أستَثيرُ حُمّهْ
قَالَ: وَجمع النَّحْيِ أنحاءٌ.
قلت: والنحْيُ عِنْد الْعَرَب الزقُّ الَّذِي يُجْعَل فِيهِ السَّمْن خاصّة. وَهَكَذَا قَالَ الأصمعيّ وَغَيره، وَمِنْه قِصَّةُ ذاتِ النحْيَين، وَالْعرب تضرب بهَا المثَلَ، فتقولُ: أَشْغَلُ مِنْ ذَات النَحْيَيْنِ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: هِيَ امْرَأَةٌ من تَيْمِ الله بن ثَعْلَبة، وَكَانَت تبيع السَّمْنَ فِي الْجَاهِلِيَّة فَأَتَاهَا خَوَّات بن جُبَير يبْتَاع مِنْهَا سَمْناً فساومَها فحلّت نِحْياً ثمَّ آخر فلَم يَرْضَ وأَعْجَلَهَا عَن شدّها نِحْيَيْها وساوَرَها فَقضى حَاجته مِنْهَا، ثمَّ هرب، وَقَالَ:
وَذَاتِ عِيَالٍ واثِقِينَ بِعَقْلِها
خَلَجْتُ لَهَا جارَ اسْتِها خَلَجاتِ
وشَدَّتْ يَدَيْهَا إِذْ أَرَدْت خِلَاطَها
بِنِحْيَيْنِ من سَمْنٍ ذَوَيْ عُجُرَاتِ
قلت: وَالْعرب لَا تعرف النحْيَ غيرَ الزق، وَالَّذِي قَالَه اللَّيْث أَنه الجَرَّةُ يُمخض اللَّبَنُ فِيهَا بَاطِلٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ أَنْحَى ونَحَا وانْتَحَى اعْتمد على الشّيْءِ. وَيُقَال: انْتَحَى لَهُ بِسَهْمٍ وأنْحَى عَلَيْهِ بشَفْرَتِه ونَحَا لَهُ بِسَهْمٍ، ويقالُ فلَان نَحِيَّةُ القَوَارِع إِذا كَانَت الشدائدُ تَنْتَحِيه وَأنْشد:
نَحِيَّةُ أَحْزَانٍ جَرَتْ مِنْ جُفُونِهِ
نضَاضَةُ دَمْعٍ مِثْلِ مَا دَمَع الوَشَلْ
نُضَاضَةُ دَمْع بقيّة الدُّمُوع، وبقيّةُ كل شَيْء نُضَاضَتُه. وَيُقَال: استَخَذَ فُلانٌ فلَانا أُنْحِيَّةً أَي انْتَحى عَلَيْهِ حَتَّى أَهْلَكَ مالَه أَو ضَرَّه، أَو جعل بِهِ شَرّاً. وَأنْشد:
إنّي إِذا مَا القومُ كَانُوا أُنْحِيَةً
أَي انتحوْا على عملٍ يَعْمَلُونَهُ. قَالَ ذَلِك شَمِرٌ فِيمَا قرأْتُ بخطّه.
وَقَالَ اللَّيْث: كل من جَدّ فِي أَمْرٍ فقد انْتَحَى فِيهِ كالفرس يَنْتَحِي فِي عِدْوِه.
وَقَالَ اللحْيَانِيُّ: يُقَال للرجل إِذا مَال على أحَدِ شِقّيه أَو انحنى فِي قوسه قد نَحَى وانتحى واجْتَنَح وجَنَح، وُضِعَا بِمَعْنى وَاحِد وَيُقَال تنحى لَهُ بِمَعْنى نَحا لَه، وانْتَحى لَهُ، وَأنْشد:
تَنَحَّى لَهُ عَمْروٌ فَشَكَّ ضُلُوعَه
بِمُدْرَنْفقِ الخَلْجَاءِ والنَّقْعُ سَاطِعُ
وَفِي حَدِيث ابْن عمر: أَنَّه رأى رَجُلاً ينْتَحِي فِي سُجُوده فَقَالَ لَا تَشِينَنّ صُورَتك.