للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جِهَة الْإِعْلَام للضَّمَان لَهَا {وَلَا تَحْزَنِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

١٧٦٤ - إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ} (القَصَس: ٧) وَقد قيل إِن معنى الوحْي هَهُنَا الإلْهَامُ، وَجَائِز أَن يُلْقي اللَّهُ فِي قَلبهَا أَنه مردودٌ إِلَيْهَا وَأَنه يكون مرسَلاً وَلَكِن الْإِعْلَام أبْينَ فِي معنى الوَحْي هَهُنَا.

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: وأصل الوَحْي فِي اللُّغَة كلّها إعلامٌ فِي خفاءٍ، وَلذَلِك صَار الإلمامُ يُسمَّى وحْياً. قلت: وَكَذَلِكَ الإشارَةُ والإيماءُ يُسمى وَحْياً، وَالْكِتَابَة تسمى وَحْياً.

وَقَالَ اللَّهُ جلّ وعزّ: {قَدِيرٌ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَاّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآءِ} (الشورى: ٥١) مَعْنَاهُ إِلَّا أنْ يُوحِي اللَّهُ إِلَيْهِ وَحيا فيُعلمه بِمَا يعلم الْبشر أَنه أَعْلَمَه إمّا إِلْهَاماً وَإِمَّا رُؤْيَا، وَإِمَّا أَن يُنْزِل عَلَيْهِ كِتَاباً، كَمَا أَنْزَل على مُوسَى أَو قُرآناً يُتْلَى عَلَيْهِ كَمَا أَنْزَل على محمدٍ، وكل هَذَا إِعْلَام وَإِن اخْتلفت أسبابُ الْإِعْلَام فِيهَا.

وأفادني المنذريّ عَن ابْن اليزيدي عَن أبي زيد فِي قَوْله: {} (الجنّ: ١) من أَوْحَيْتُ. قَالَ: وناسٌ من الْعَرَب يَقُولُونَ: وَحَيْتُ إِليه، ووحيْتُ لَهُ، وأَوْحَيْتُ إِلَيْهِ وَله. قَالَ وَقَرَأَ جُؤَيّةُ الأسديّ: {} (الْجِنّ: ١) من وَحَيْتُ، همزَ الواوَ. وَذكر الفراءُ عَن جؤية نَحوا مِمَّا ذكَرَ أَبُو زيد.

ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَوْحَى الرجلُ إِذا بعثَ برسولٍ ثقةٍ إِلَى عبد من عبيده ثِقَةٍ، وَأوحى أَيْضا إِذا كلّم عَبده بِلَا رَسُولٍ. وأَوْحَى الإنسانُ إِذا صَار مَلِكاً بعد فقر. وأَوْحَى الْإِنْسَان وَوَحى وأَحَى إِذا ظلم فِي سُلْطَانه. واستَوْحَيْتَهُ أَي استفهمته. قَالَ: واستوحيْتُ الكلبَ واستوشيْتُه وآسَدْتُه: إِذا دَعْوتَه لتُرْسِله. قَالَ: والوَحَى النَّار، وَيُقَال للْملك وَحى من هَذَا.

وَقَالَ بعضُهم: الإيحاءُ الْبكاء، يُقَال فلَان يُوحِي أبَاه أَي يَبْكِيه، والنائحة تُوحِي الميتَ تَنُوح عَلَيْهِ، وَقَالَ:

تُوحِي بحالٍ أبَاهَا وَهُوَ مُتَّكِىءٌ

على سِنَانٍ كأنْفِ النَّسْرِ مَفْتُوقِ

أَي مُحدَّد. أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الوَحَاةُ الصوتُ وَيُقَال: سَمِعت وَحَاه ووَعَاه. والوَحَاءُ مَمْدُود: السرعة. يُقال: تَوَحَّ فِي شأْنِك أَي أَسْرِع فِيهِ. وَوَحَّى فلانٌ ذَبِيحَته إِذا ذبحه ذبحا وَحِيّاً. وَقَالَ الجَعْدِيُّ:

أسِيرَانِ مَكْبُولانِ عِنْدَ ابنِ جَعْفَرٍ

وآخَرُ قد وحَّيْتُمُوه مُشَاغِبُ

وَالْعرب تَقول الوَحَاءَ الوحاءَ، والوحَا والوحَا، ممدوداً ومقصوراً، وَرُبمَا أدخلُوا الْكَاف مَعَ الْألف فَقَالُوا: الوحَاكَ الوحَاكَ، ورَوى سلمةُ عَن الفرَّاء قَالَ: الْعَرَب تَقول النَّجَاءَ النَّجَاءَ والنَّجَا النَّجَا، والنجاءَك النجاءَك، والنَّجَاك النّجَاك. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قلت لِابْنِ الْأَعرَابِي: مَا الوَحَى؟ فَقَالَ: المُلْكُ، فقلْت: وَلم سُمي المُلْكُ وحىً؟ فَقَالَ. الوَحَى النّارُ فكأنّه مثلُ النَّار، ينفَعُ ويضرُّ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ من أمثالِهم وَحْيٌ فِي حَجَرٍ، يُضْرَبُ مثَلاً لمن يكتم سِرَّه، يَقُول الحَجَرُ لَا يُخْبِرُ أحدا بشيءٍ فَأَنا مثْلُه لَا أُخبر أحدا بِشَيْء أكتُمُه. قلت: وَقد يُضْرَبُ مَثَلاً للشَّيْء

<<  <  ج: ص:  >  >>